راندا يحيى يوسف
كيف نتعامل مع واقع لا يُعجبنا؟
نواجه بحياتنا الكثير من العقبات القاسية والأوقات الصعبة كل يوم ، وقد تصل بنا درجة الإيلام ان نشعر بأن عقارب الساعة قد توقفت عن الدوران ويذهب تفكيرنا بأن العالم كله قد تآمر ضدنا، ومن ثم ندخل فى دوامة مصمتة من الحزن والألم، تتجه بنا دون أن نشعر نحو مصير لا نعرف تفاصيله؛ كل تلك المشاعر هى فى حقيقة الأمر تعبير عن مخزون عميق من القلق وعدم الإطمئنان، فإذا أردنا ان نرى حقيقة أنفسنا فلننظر ببساطة إلى الجزء المحذوف من كلماتنا وإلى أحلامنا التى نخشى ان نخبر بها أحداً.
تقول الدكتورة ماجدة مدكور الخبيرة التربوية بجامعة هارفارد أن العقل البشرى يتفنن فى رسم صور ذهنية طوال الوقت بما يريد ويتمنى و كلما كانت الصورة التى رسمها خيالية وتبتعد عن الواقع الفعلى ؛ كلما إصطدمنا بالواقع ورفضناه وإزداد تمسكنا بالصورة الذهنية ، ومن هنا يظل الإنسان يعيش فى صورة و يصطدم بالواقع و يتعارك معه نفسيًا فيصاب بالإحباط ؛ بل و يمكن أن يتحول العراك النفسى إلى عراك بدنى فيتشاجر مع أقرانه و يميل للعنف ، الأمر الذى يؤدى إلى الإصابة بالعديد من الأمراض النفسية.
والأمر ببساطة شديدة إذا أردنا أن نغير واقع نعايشه ويؤلمنا ويكدر صفو حياتنا ، فما علينا إلا ان نوقظ وعينا ونزيد درجة تنبهنا بأن الصور الذهنية التى يرسمها العقل لا تعدو كونها مجرد صور من محض خيال ، وان نبتعد عن التكهنات قدر الإمكان ونفسح فى العقل مجالاً للتفكير السليم والتدبر والأخذ بأسباب النجاح ، فتغيير الواقع يكون بالتفكير العملى وتحديد الأهداف وتقبل فكرة الوقوع فى الخطأ ثم محاولة تصحيحه ، حتى وان بدأنا بتغيير جزء يسير من الواقع ، والأهم من ذلك هو الإيمان بقدراتنا والسعى الجاد نحو تحقيق أهدافنا ، وحينئذٍ لن يتملكنا الإحباط ولن تؤثر فينا الأفكار السلبية ، لأن كل خطوة صغيرة ستوصلنا لخطوات أخرى متتالية ، متسلحين بالإيمان والصبر والشعور بالشكر و العرفان أن الحياة أعطتنا فرصة أن نعمل ونفكر ونغير و نبنى ونٌبدع و نبتكر ، فمن المهم أن ننفتح على الحياة بمرونة وإتساع فنقبل ما تقدمه لنا فى الواقع ، ونتعلم كيف نتفاعل مع هذا الواقع و نتعلم منه ، وهناك الكثير من تجارب البشر تقول لنا أن سر نجاحهم هى اللحظة التى عرفوا فيها كيف يتعاملون مع الواقع ، و ليس مع الصورة الذهنية وأن الواقع الذى كان لا يعجبهم قد فتح لهم خيرا كثيرا .