قد تبهرك الصورة الرائعة التى ظهرت بها فعاليات منتدى الشباب بشرم الشيخ، رغم اعتياد هذه المدينة الساحرة على ذلك، بعد أن حفرت اسمها فى عنان السماء وباتت النجمة الألمع فى عيون العالم، وسحرت ببريقها الكثيرين مسئولين وسائحين، وقد يلفت اهتمامك هذا التنظيم المحترف لمنتدى شباب يفوق عددهم الثلاثة آلاف، يمثلون 46 دولة، شباب مشرق متوهج، يسكن الأمل قلبه، كما يغزو الطموح عقله، ثقافات مختلفة وحضارات متنوعة، وأيضا خبرات متباينة. وقد يجذب انتباهك شعار المنتدى، «We Need To Talk» نحتاج للتحدث، نعم نحتاج للتحدث، بعد أن ارتفع دوى الرصاص فى كل مكان، فى سوريا واليمن وليبيا، وصارت الطلقات بديلا للكلمات، وعانت دول كثيرة هذه الويلات «الإرهاب» فى أوروبا وآسيا وأمريكا، وأخرها ما شهدته ولايه تكساس الأحد الماضى، أما ما تكافحه مصر، نعلمه جميعا، حيث يذود شبابها بأرواحهم، خير أجناد الأرض، دفاعاً عن وطنهم.
وقد يسعدك أن تنجح مصر فى تصدير مفهوم جديد للعصف الذهنى، على أيدى قادة المستقبل، حينما تنصهر كل هذه الطاقات فى بوتقة واحدة، تتفاعل، تتحاور، تبدع، لتنتج رؤى تحمل تطلعات جيل مختلف عن الأجيال السابقة، وفرت له التكنولوجيا أيسر درجات التواصل السمعى والبصرى، جيل لايعرف المستحيل، استطاع أن يذيب الفواصل، جيل امتلك من المهارات ما أتاح له تدقيق المعلومات، ليكون وجهة نظره عن قناعة تامة، دون مؤثرات أو توجيهات.
وقد يثلج صدرك مشهد هؤلاء الشباب وكل منهم يرفع علم بلده ليعلن عنها، فى تناغم ملهم ومبهج، مشهد ينبىء بأن هناك أملا فى أن تتحد قدراتهم لتبنى غدا ناجحا بمعايير جديدة مرتكزة على شراكة تصبو لتحقيق نهضة تحقق آمالهم فى عيش حياة آمنة مستقرة، تنبذ العنف والبغض، تسعى بالفكر البناء لمحاربة الأفكار القاتلة التى كانت سببا فى حصد أرواح الأبرياء.
وقد تكون من المحبطين، بكسر الباء، من مرددى نغمة من أين لنا بهذا الإنفاق السخى على المنتدى، ونحن بلد نعانى أزمة اقتصادية طاحنة، وغيرها، ليرد عليك أحد المدركين لحقائق الأمور، ليعرض عليك التالى، علك تعمل عقلك.
إن السياحة هى رافد رئيسى لزيادة الدخل القومى المصرى، ومن ثم فنجاح المنتدى يستتبعه تغطية إعلامية جيدة لكل الدول المشاركة، ويعمل على ترسيخ انطباع إيجابى عن حدوث طفرة كبيرة فى إمكانات الدولة المصرية، لتوكد قدرتها على استعادة الشريحة المستحقة من الأفواج السياحية العالمية، والتى تتناسب مع امتلاكها ما يقارب ثلث آثار العالم، ومحميات طبيعية نادرة، وشواطىء ساحرة، وطاقة فندقية تناسب كل المستويات، ويجب ألا ننسى المزارات الدينية، كل هذا وأكثر كان محور الكثير من الأحاديث بين شبابنا وشباب العالم، ولا أبالغ حينما أقول إن عدد الوافدين لمصر للعلاج من فيرس (c) فى تزايد كبير، بعد نجاح مصر فى تحقيق قفزة عظيمة فى علاجه بأسعار لا تقبل المنافسة، بما يوضح أن العائد من تنظيم المنتدى يحقق أضعافا مضاعفة، ويمكن الإشارة إلى تحفيز آلاف من شباب العالم ليكونوا سفراء لمصر فى بلدانهم.
كما تشاهد العيون بجلاء الجهود المضنية التى تبذلها الدولة، فى كل مجالات التنمية، إنجازات جديرة بفوزها بكل درجات التقدير والإعجاب، شبكة طرق غير مسبوقة، لم تميز بين شمالها وجنوبها، حتى تحول السفر عبرها من معاناة إلى متعة، وتحقيق وفرة فى مجال الكهرباء لأول مرة منذ عقود، وكذلك طفرة عظيمة فى مجال الإسكان، اتساع الرقعة الزراعية بمساحات كبيرة، مزارع سمكية مخطط لها أن تكفى احتياجاتنا مع تحقيق فائض للتصدير، تنمية سيناء واستثمار هذا الجزء المبهر من أرض مصر، من خلال عمل أنفاق تحت قناة السويس تيسر التواصل بين ضفتيها، ولا تنسوا ما يحدث مع محورها لجعله مركزا صناعيا دوليا، يوفر عشرات الآلاف من فرص العمل، ويبوىء مصر مكانة دولية مغايرة، تستحقها، كما يستحقها شبابها المؤمن بقيمتها، الساعي لتحقيق نهضتها.
شباب قرر رئيسنا المقاتل، أن يوليهم رعاية فائقة، وعناية لائقة بجيل يدافع بكل شراسة عن حقه فى الحياة الآمنة والمستقرة، وكان يسهل عليه أن يفعل مثل سابقيه، ولكنه أكد انحيازه لهم، وهو يخطط لرفعة مصر، حينما اعتمد بناء المستقبل منهجاً، وجعل تحقيق الإنجازات واقعاً، توفر لقادة الغد مستقبلاً طيباً.
وفى سبيل ذلك، نجد إنجازات نشعر بها، تحدثنا عنها سابقاً، وأخرى كنا نعانى صعوبة فى رؤيتها، منها ما حدث مع السحابة السوداء هذا العام، وأصبحنا لا نعلم إلى أين ذهبت، لأول مرة منذ عقدين تختفى، ولا تتشح السماء بالسواد ولا نصاب بالاختناق، بعد أن كانت ضيفا دائما يزورنا كل خريف، مسببة آلاما موجعة للناس وإذا كان لغز اختفائها يحتاج لمقال منفصل، إلا أنه يتوجب علينا الإشادة بهذا الإنجاز الذى صنعته وزارة نشطة «وزارة البيئة» والتى يتولى حقيبتها الوزير «المحترف» د. خالد فهمى الذى انتقى كتيبة من الأكفاء لتحقيق تلك الطفرة بجهد يستحق أن نلقى عليه الضوء، ليعرف الناس كيف حدث، وليعلموا أن الدولة جادة فى خدمة أهلها الذين عانوا ليعيشوا فى بيئة نظيفة.