علاء ثابت
السيسى وحق مقاومة الإرهاب
بينما كنت أستعد للمشاركة فى منتدى شباب العالم بشرم الشيخ، راجعت ما خرجت به مؤتمرات الشباب خلال العام الماضي، وبدا لى واضحا حرص الرئيس السيسى على أن يخرج كل مؤتمر منها بجديد يوجه بتنفيذه، أو بفكرة من أفكار الشباب يتبناها، ويعمل على وضعها موضع التنفيذ، بل إن فكرة عقد منتدى لشباب العالم نفسها كانت من نتائج مؤتمر الشباب الذى عقد فى مدينة الإسماعيلية فى ابريل الماضي. والسؤال الذى شغلنى هو: ترى ما الجديد الذى سيحمله المنتدى؟ لم يكن ممكنا بالطبع التكهن بطبيعة ذلك الجديد الذى سيطرحه الرئيس، ولكن اليقين كان أن ذلك الجديد سيكون على مستوى ذلك الحدث الدولي. انتظار الإجابة لم يطل، فخلال الجلسة الافتتاحية جاءت إجابة الرئيس حين قال «الإرهاب بينتهك إنسانيتنا .. الإرهاب بيعتدى على إنسانيتنا ... الإرهاب بيحطم إنسانيتنا .. مقاومة الإرهاب حق لإنسانيتنا .. مقاومة الإرهاب والتصدى للإرهاب حق من حقوق الإنسان ... حق جديد أضيفه لحقوق الإنسان». التصفيق الذى قوبل به ما طرحه الرئيس فى قاعة المؤتمر، التى صممت على شكل مجسم للكرة الأرضية، يشير بوضوح إلى تعطش الموجودين إلى مثل ذلك الطرح، وكأنه يعبر بالفعل عما كانوا يبحثون عنه، ويرغبون فى طرحه. إنه استنفار لطاقة الإنسانية أو «نوبة صحيان» لها لمواجهة الإرهاب والقضاء عليه.
الحق فى الحياة الآمنة هو أول الحقوق التى حرص الإعلان العالمى لحقوق الإنسان على تأكيدها. إذ قال فى مادته الثالثة «لكل فرد الحق فى الحياة والحرية وفى الأمان على شخصه». وما يفعله الرئيس السيسى الآن هو إعمال لتلك المادة بكل ما تقتضيه من معنى. فالإرهاب بات يهدد الجميع فى كل دول العالم. فأى مواطن فى أى دولة أصبح عرضة لأن يكون ضحية للإرهاب بصرف النظر عن دينه أو لونه أو جنسه أو وضعه الاقتصادى والاجتماعى والثقافي، وبصرف النظر عن طبيعة الدولة التى يحمل جنسيتها ونظام الحكم فيها. فالإرهاب يضرب فى أى مكان، بل ضرب فى الأماكن التى كانت توفر له ملاذا آمنا، وفى الدول التى كانت تتصور أنها بمنأى عن الإرهاب.
لم يعد للإرهاب هدف سوى القتل وبمنتهى الوحشية. إنه يضرب فى الشوارع وفى دور العبادة، يقتل المدنيين أطفالا وشيوخا، نساء ورجالا، يقتل رجال الأمن من الجيش والشرطة. أحرق الطيار الأردنى معاذ الكساسبة، وأعدم عمالا مصريين فى ليبيا، واحتجز وقتل مدنيين فى مسرح باتاكلان بفرنسا وغيرها، وقتل رواد دور العبادة فى مصر والولايات المتحدة، وما فعله داعش بالفتاة الإيزيدية لمياء حجى خير دليل على انتهاك الإرهاب لإنسانيتنا بكل وحشية وهمجية. كما مثل الإرهاب بزعزعته استقرار الدول أحد أهم الأسباب لترك المواطنين أوطانهم لينضموا إلى قوائم اللاجئين، وباتت كثير من الأماكن فى الدول المختلفة «مناطق خطيرة» لا يمكن لهم السكن فيها أو التجول فيها أو حتى الاقتراب منها. إن الإرهاب بذلك انتهك وصادر الحق فى الحياة، وانتهك أيضا ما تنص عليه المادة 13 من الميثاق العالمى لحقوق الإنسان « لكل فرد حق فى حرية التنقل وفى اختيار محل إقامته داخل حدود الدولة».