الوطن
محمد صلاح الزهار
إطلاق الطاقات والمساواة!
رأينا وتابعنا عشرات، بل مئات، قصص الشباب المبدع على مستوي العالم، خلال فاعليات ومناقشات المنتدي الدولى للشباب الذى استضافته مدينة شرم الشيخ برعاية الرئاسة المصرية.

مع اختلاف الحكايات وقصص الكفاح والنجاح من شرق العالم الى غربه ومن أقصاه إلى أقصاه، اختلفت أيضا مستويات التقدم أو درجة الثراء أو الغني فى الدول التي أتي منها أولئك الشباب، ورغم ذلك، فإن قاسما مشتركا أعظما بين فى كل تلك الملاحم والقصص والتجارب الإنسانية الرائعة، هذا الأمر هو إطلاق الطاقات والمساواة، الذى بدا واضحا وراء كل حكاية، رغم أن أحدا من المتحدثين عن أنفسهم لم يقل مباشرة إنه لم يجد ما يحد من إطلاق طاقاته أو إبداعاته، انوه الى أن الإبداع الذى اقصده هو الإبداع فى كل شيىء بدء من الاختراعات التكنولوجية المتقدمة وانتهاء بحلاقة الشعر وما بينهما، وقد استمعنا وتابعنا لقصص مثيرة للإعجاب تتحدث عن نجاحات فى كافة نواحي الحياة، كل المتحدثين، ودون أن يقصد اي منهم، كان يؤكد فى رواية قصة نجاحه أنه حدد هدفه بنفسه وحسبما تخيل، وإنه نجح باقتدار فى تنفيذ مشروعه او فكرته، دونما تمييز أو محاباة لمنافس له مهما كان ذلك المنافس ومهما كانت علاقاته والتوصيات التي لا تسعي الى مساندة ذلك المنافس فحسب، ولكن تسعي إلي دفعه للنجاح دون استحقاق، والقذف بمن يستحق النجاح بعيدا ليخلو الجو لذلك المسنود!

المتحدثون خلال جلسات المنتدي لم يتناولوا أو يوضحوا الأمور الدافعة لهم كي ينجحوا ربما لانهم لا يتخيلوا أن مجتمعا ما يمكن أن يعتمد مبدأ للحياة والتواصل ، بخلاف مبدأ إطلاق الطاقات والمساواة، لم يتخيلوا أن هناك مجتمعا يمكن أن يمضي انطلاقا من قاعدة الواسطة والمحسوبية والتوريث فى كل المناصب والمهن، لم يتخيلوا أن مجتمعا ما يمكن أن يعتمد أسلوب ترقية ودفع، الأخف دما والأكثر قدرة على النفاق والتطبيل، ودفعه لتولي المناصب القيادية فى كافة المرافق، لم يدركوا أن هناك مجتمعا يبعد النابهين عن كافة المجالات والمناصب التي تحتاج المبدعين الخلاقين، ويفضل عليهم الفشلة العجزة الضعاف فى كل شيىء ما عدا النفاق!

رغم الفوائد المتعددة التي يمكن أن تحصي وتعد لانعقاد المنتدي الدولي للشباب بشرم الشيخ ، فإنني أري أن الفائدة الأكثر نفعا لنا كمجتمع، هي الإسراع بوضع نقطة، لنبدأ من جديد .. نبدأ منذ اللحظة بضرورة اعتماد مبدأ اطلاق الطاقات والمساواة، كركيزة صنع مستقبل واعد بعقول وقلوب شباب لو شعروا بالفعل بأن المجتمع واجهزته ووزاراته، بات لا ينصب نفسه وصيا عليهم وعلي أحلامهم وأفكارهم، ولم يعد يترصد النابهين والمبدعين ويعزلهم، ويختار بدلا العناصر منعدمي الكفاءة والمهارة، أو من يملكون التوصية والواسطة!

أدرك أن الرئيس السيسي تولي مهام المسئولية فى البلاد، وبها الكثير من العلل ومواطن القصور والأمراض الاجتماعية الخطيرة ومنها بل وفى مقدمتها تعطيل الطاقات وقتل المواهب وعدم المساواة، وأعلم واتابع إن الرئيس يسعي وبكل ما يملك من جهد الى اعادة بناء البلد بكل مرافقها وأعلم كذلك إنه يسعي ايضا الى تصويب وربما تغيير كثير من الممارسات الخاطئة الموروثة، ومن هنا أناشده وبعلو الصوت وأقول : أتمني أن نرسخ مبدأ إطلاق الطاقات ونحو عدم المساواة من قاموس حياتنا، إلي جانب الجهود والمساعي لتطوير التعليم والوضع الصحي واغيره.

أدعو السادة المسئولين عن تنفيذ البرنامج الرئاسي للشباب أن يعتمدوا نمط اطلاق الطاقات والمساواة ضمن أهدافهم ومساعيهم عند التعامل مع شبابنا الذى يعاني غالبيتهم من الانكفاء على النفس، ومن الشعور بالاغتراب.

أولئك الشباب من هذا النوع ليسوا موجودين على ساحات التواصل الاجتماعي، وليسوا موجودين ضمن من يطلقون على أنفسهم الناشطين السياسيين، أولئك الشباب موجودون بكثرة فى المعاهد والمرافق التعليمية، وغالبيتهم متعطش لمن يقول لهم أبدعوا وانطلقوا وفكروا فيما تشاءون، واحلموا بما تشاؤون ولن تضيع جهودكم بسبب واسطة او كارت توصية.

إنني أتحدث عن ألاف الشباب المملوئين أمالا وطموحات بمستقبل كبير، ويمتلأون فى الوقت ذاته بإحباطات لا أول لها ولا أخر، ترسخت فى أذهانهم خشية ضياع فرصهم فى الإبداع بسبب واسطة أو محسوبية. أثق فى أننا قادرون على تفعيل الطاقات المعطلة للكثير من الشباب .
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف