حلّت مصر فى المركز ١٣٤ من إجمالى ١٤٤ دولة ضمن المؤشر العالمى للمساواة، الصادر عن المنتدى الاقتصادى العالمى، وأشار التقرير إلى اتساع الفجوة بين الجنسين فى مجالات الصحة والتعليم والعمل والمشاركة السياسية.
وتشير المؤشرات العالمية الخاصة بالمرأة فى الأمم المتحدة، إلى أن تضييق الفجوة بين الجنسين، اقتصاديًا واجتماعيًا وسياسيًا، يساعد على بناء الدولة وتقدمها ونموها وأن وجود المرأة فى مراكز صنع القرار يقلل من انتشار الفساد ويساعد على تنمية البلاد.
وعندما نتكلم عن مصر يقفز إلى ذهننا الصورة المضيئة لنضال المرأة المصرية عبر قرن من الزمان للحصول على حقوقها العادلة فى الصحة والتعليم والسكن وحق الترشح والانتخاب والتعيين فى المناصب العليا فى الدولة، ونضالات المرأة التى خرجت تنادى بالاستقلال وتصدت لقوات الاحتلال البريطانى فى ثورة ١٩١٩ بقيادة هدى شعراوى التى أسست مع زميلاتها بعد ذلك اتحاد النساء المصرى وشاركت بعد سنوات فى تأسيس اتحاد النساء العربى وتستمر المسيرة حتى الآن وتطالب النساء بإقرار قانون عادل للأسرة يحمى حقوق المرأة والرجل والطفل حتى نقضى على زيادة نسب الطلاق، التى تؤدى إلى تفكك الأسرة وزيادة نسبة أطفال بلا مأوى.
وبالرغم من أن عام ٢٠١٧ اُعتبر عام المرأة وبالرغم من وصول ٩٠ نائبة ولأول مرة إلى مجلس النواب بواقع ١٥٪ من عدد الأعضاء بالمجلس، بالرغم من ذلك نجد أنه فى الفترة الأخيرة وقعت المرأة تحت عنف وتمييز موجهين لها بشكل خاص عن طريق العديد من التصريحات والفتاوى ومشروعات القوانين من بعض النواب شاذة وغريبة ومخالفة لكل القيم والأعراف والدين والدستور والمواثيق والاتفاقيات الدولية الموقعة عليها مصر.
ولنقرأ معًا ونسمع ونرى بعض ما يقال ويحدث ضد المرأة فى الفترة الأخيرة: إهانة المرأة المصرية والدوس على كرامتها فى واقعة مشينة من أحد النواب الذى قام بصفع امرأة فاضلة تؤدى عملها فى الحفاظ على أمن جامعة الفيوم التى تعمل فيها كموظفة أمن، صفعها على وجهها لأنها أدت دورها الوظيفى بمنع ابنته من الدخول إلى الجامعة، لأنها لا تحمل إثبات شخصية!!. وسأكتفى بالرد على هذا النائب بما قاله الكاتب والصحفى المعروف حمدى رزق فى عموده اليومى بجريدة «المصرى اليوم» السبت الماضى «ضرب سيدة ليس من الرجولة – متى استعبدتم الناس؟... الحصانة أدب مش هز كتاف».
وننتقل إلى واقعة أخرى وهى تقديم أحد النواب مقترحًا بقانون لخفض سن الزواج من ١٨ إلى ١٦ سنة، ما يشجع زواج القاصرات، الذى من نتائجه الكارثية التفكك الأسرى نتيجة لعدم نضج الفتيات على تحمل المسئولية وتعرض الكثيرات لمشاكل صحية خاصة بالإنجاب، بجانب تزويج الأسر الفقيرة بناتها تحت ضغط الحاجة والفقر لمن يكبرهن بعشرات السنين، وهذا يُعتبر اتجارًا بالبشر، كما يساعد هذا على تسرب الفتيات من التعليم.
وننتقل إلى واقعة تضاف إلى عجائب الدنيا السبع، وهى ما اعتبره أحد المحامين واجبًا وطنيًا وقوميًا بالتحرش واغتصاب الفتيات والسيدات اللاتى يرتدين ملابس غير محتشمة «البنطلون الذى به قطع عند الركبة والساق».. أليس هذا تحريضًا على العنف ضد المرأة يقتضى العقاب الرادع؟.. ألا يتفق رأى هذا المحامى مع رأى الجماعات الرجعية الظلامية المتشددة التى لا ترى فى المرأة إلا جسدًا مثيرًا للفتنة وأن وظيفتها إمتاع الرجل والإنجاب والجلوس فى المنزل لتربية الأطفال؟.. نضيف إلى ذلك من يشجعون على جريمة ختان الإناث وعتاة السلفيين وأصحاب الفتاوى الشاذة «نكاح الزوج لزوجته بعد موتها تحت مسمى نكاح الوداع وفتوى إرضاع الكبير».
ومن المؤسف ما تم مع خريجات كليات الشريعة والقانون والحقوق بحرمانهن من التقدم لمسابقة شغل الوظائف القضائية بمجلس الدولة والنيابة العامة. وذلك رغم دستور ٢٠١٤ الذى ينص فى المادة ١١ على «تعمل الدولة على اتخاذ التدابير بضمان تمثيل المرأة تمثيلًا مناسبًا فى المجالس النيابية على النحو الذى يحدده القانون، كما تكفل للمرأة حقها فى تولى الوظائف العامة ووظائف الإدارة العليا فى الدولة والتعيين فى الجهات والهيئات القضائية دون تمييز ضدها».