المساء
عبد المنعم السلمونى
حروف متحركة - هل هي حقا لحوم نظيفة؟؟
البشر يحبون تناول اللحوم .. وربما كان اللحم هو الطعام المفضل بالنسبة للإنسان علي كل ما عداه من طعام!
نحن ننتهز أي مناسبة. لنقوم بطهي اللحوم وتناولها. إذا دعوت ضيفا عزيزا لتناول الغداء. فإنك تعد له ما لذ وطاب من أصناف اللحوم. سواء أكان لحم طير أو ضأن او أبقار أو غيرها!
كثيرون منا يذبحون عقيقة إذا رزقوا بمولود. آخرون ينحرون الذبائح في حفلات العرس والزواج. وبعض ميسوري الحال يوصون بنحر ذبيحة بعد وفاتهم. فيما يسمي "عِتاقة". حيث يقوم الأهل بتوزيع لحومها علي الفقراء. ابتغاء الأجر والثواب للميت. وفي الأعياد نقبل علي تناول ما لذ وطاب من اللحوم!
ومنذ قديم الأزل كان الإنسان الأول يخرج للصيد في الغابات ويخاطر بحياته للحصول علي وجبة من اللحم اللذيذ. الذي كان يتناوله نيئا في بادئ الأمر. ولكنه عرف الشواء والطهي بعد أن عرف كيف يشعل النار.
والآن تفنن الإنسان في طهي اللحوم. وأصبح لدينا أنواع لا تعد ولا تحصي من الوجبات التي تشكل اللحوم العنصر الأساسي فيها. وهناك وجبات كثيرة من اللحوم. قد لا أعرف اسماءها!
وفي أيام الغلاء. تكون أسعار اللحوم هي أكثر ما يشكو منه الناس. فتجد الواحد منهم يقول لك: "شوف كيلو اللحمة بقي بكام!"
والمشكلة. أننا لا ننظر إلي ثمن اللحوم إلا من زاوية ما ندفعه فيها من نقود. ولا نري التكاليف الأخري التي نتكبدهالكي ننتج اللحوم ونلتهمها ونتلذذ بطعمها!
لو نظرنا إلي البقر مثلا نجد أنه يأكل العشب عندما يرعي بحرية. لكن البيئة المغلقة لمزارع إنتاج اللحوم لا حرية فيها. ولزيادة الإنتاج وتقليل التكاليف تعطي الأبقار علائق صناعية في صورة مكورات صغيرة. تحتوي علي أشياء رخيصة من الحيوانات المطحونة بعظامها. والفضلات المعالجة. أو بمعني آخر تحولت الأبقار إلي حيوانات آكلة اللحوم وتتناول غذاء ينقل الأمراض الخطيرة. مثل جنون البقر. وهذه الأغذية المركزة تسمي علائق مخلطة. والهدف منها تقديم الفيتامينات والمعادن التي تفتقدها الأبقار عندما لا تقوم بالرعي. كما تقدم للأبقار مضادات حيوية وهرمونات النمو.
واستخدام هرمونات النمو يتم في المزارع الكبيرة. وهو ممنوع فقط في كندا والاتحاد الأوروبي. والهدف منها زيادة الإنتاج. حتي رغم إنهاكه وإضعافه للبقرة للدرجة التي تتطلب ذبح البقرة بعد عام من تناولها هذه الهرمونات. التي لها تأثير خطير علي المستهلك. مثال زيادة سرطانات الثدي. والقولون. والبروستاتا.
إضافة لما سبق. فإن التوسع في تربية الحيوانات. لإنتاج اللحوم والألبان. يسهم في ارتفاع درجة حرارة الأرض ويتسبب في تآكل ثقب الأوزون. نظرا لما تنتجه الحيوانات من غاز الميثان أثناء عملية الهضم. وكما نعلم فإن تآكل طبقة الأوزون يتسبب في تعرضنا للأشعة الضارة القادمة من الشمس. الأمر الذي يؤدي للإصابة بسرطان الجلد. كما تحتاج الحيوانات إلي أراض لزراعة البرسيم ومحاصيل العلف. وأراض لإقامة مزارع التسمين وغيرها. حيث كان يمكن استغلال هذه الأراضي في إنتاج المحاصيل اللازمة لغذاء الإنسان. خصوصا في ظل التزايد السكاني الرهيب علي كوكب الأرض!
ولحل معضلة حب الإنسان للحوم والأضرار الصحية والبيئية المترتبة علي التوسع في إنتاج اللحوم بالطرق التقليدية. يسعي العلماء إلي إنتاج اللحوم داخل المعامل والمختبرات!
هذا النوع من إنتاج اللحوم يطلق عليه الزراعة الخلوية. وهي تقوم علي أخذ خلية واحدة من أحد الحيوانات وزرعها في المعامل لتتكاثر وتنتج اللحوم.
وقد حققت هذه الطريقة نجاحا داخل المعامل. ويطلق العلماء علي هذا المنتج مسمي "اللحوم النظيفة". ومهما كان المسمي التسويقي لهذه اللحوم. فإن بعضها موجود بالفعل في الأسواق الأمريكية ويحمل ماركات معروفة مثل "إمبوسيبلبرجر" أو البرجر المستحيل!
لكن. إذا كانت هذه "اللحوم النظيفة" سيتم إنتاجها بطريقة اقتصادية وبكميات كافية وستحل مشاكل البيئة وتوفر مساحات الأراضي التي سبق الحديث عنها. فهل نضمن عدم استخدام الهرمونات للإسراع بإنتاجها وزيادة كمياتها. الأمر الذي سيترتب عليه إصابة الإنسان بالأمراض الخطيرة التي سبق ذكرها. وهل ستشبه في نكهتها وقوامها لحوم الحيوانات الحية التي نربيها؟
هذا ما سوف تجيب عنه الأيام والسنوات المقبلة.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف