الأخبار
محمد درويش
نقطة في بحر - قبل قانون المرور الجديد
وكأن قانون المرور الحالي لم يعد كافيًا لردع المخالفين والحد من نزيف الأسفلت ع الطريق والذي وصل إلي حد وضع مصرنا في قائمة الدول في معدلات الضحايا سواء كانوا قتلي أو مصابين.
أذكر أنه منذ أكثر من عشرين عامًا أن حضرت ندوة في جمعية المهندسين وكان المحاضر د.عصام شرف الذي صار فيما بعد وزيرًا للنقل في عهد مبارك ثم رئيسًا للوزراء في أعقاب ثورة يناير.
يومها أعلن الرجل أن ضحايا حوادث الطرق في مصر يصل في المتوسط إلي خمسة آلاف قتيل غير الضحايا الذين يزيدون أضعاف هذا الرقم.
أكد أيضا يومها أن عدد القتلي يتم حسابه طبقًا للوفيات ساعة الحادث والصحيح علميًا احتسابه خلال شهر من زمن وقوع الحادث لأن الكثيرين من المصابين قد يموتون بسبب الإصابة ولابد من احتسابهم من الضحايا.
ومعني ذلك أن الخمسة آلاف الذين أشارت إليهم دراسات الدكتور عصام قد يصبحون ستة أو سبعة آلاف قتيل ،فما بالنا والإحصائيات تشير إلي أن الرقم حاليًا وصل إلي ١٥ألف قتيل، فماذا لو أدخلنا معهم المصابين الذين قد يتوفون بسبب الحادث ،إذن سيصل العدد إلي ما يزيد علي عشرين ألفا!
هذه المحاضرة التي كانت أول عهد الدكتور شرف بالإعلام كانت حديث الناس يوم النشر خاصة عندما أفرد لها أستاذنا الراحل وجيه أبو ذكري مكانًا لائقا في الصفحة الأولي وعلّق عليها الأستاذ سعيد سنبل في عموده اليومي صباح الخير.
دعك من السؤال الذي يفرض نفسه الآن وهو ماذا فعل شرف للحد من هذه الكوارث رغم أنه تقلد الوزارة مرة ورئاسة الوزراء مرة أخري.
ولكننا نحاول رصد العوامل التي جعلت نزيف الأسفلت يُدخل المآسي في كل بيت والأعين تذرف حزنا علي الحبيب والقريب.
الحال يقول وكأننا نطبق القانون الحالي بحذافيره ورغم ذلك لم تعد له فائدة ولابد من قانون جديد يحقق الردع ويخلصنا من كوابيس نزيف الأسفلت.
لا يا سادة المشكلة ليست في القوانين بقدر ماهي مواريث ثقيلة تغلف تعامل المسئول عن تطبيق القانون وأيضا الذين يطبق عليهم القانون.
أول بند الاستثناءات وكلنا نعلم انه لا استثناء في تطبيق القانون علي أحد طبقاً للدستور ومع ذلك هناك اسثناءات ما أنزل الله بها من سلطان.
يفترض في القانون الجديد -أي قانون- الشفافية والنزاهة في المنوط بهم تطبيقه وطبعا لن أسرد شرحاً او تفصيلاً لهذه الفرضية فكلنا في الهوا سوا.
يستهدف القانون في أحد بنوده سحب السيارة بعد وصول صاحبها إلي عدد من نقاط الخصم ،يتعرض بعدها لهذا العقاب وهو ما يعني أن صاحب السيارة سيتسلمها بعد أسبوعين خردة لا تنفع طبلة ولا قيثار.
من له ظهر ولا يضرب علي بطنه في ظل القانون القديم سيظل كما هو تحت راية القانون القديم.
دعك من البنية التحتية التي يجب إعدادها لتطبيق القانون،لكن ماذا أفادت البنية الحالية ممثلة في الاشارات الضوئية ذات الكاميرات وماذا حققت للشارع المصري من انضباط وحتي علي الطرق السريعة صاحبة النصيب الأوفر من الضحايا كل ساعة.
هل وفرنا أماكن الانتظار المطلوبة وشلحنا بلطجية الشوارع الذين يفرضون سطوتهم علي أصحاب السيارات.
هل ألزمنا سائقي الأوتوبيس والنصف نقل _مثلا_بعدم صعود كوبري أكتوبر؟
هل سنوفر لفئات محددة من الذين سيطبقون القانون ما يكفيهم ويغنيهم عن مد الأيدي واستبدال أرقام السيارات بأخري ليس لأصحابها ذنب.
أتصور أن القضية ليست في حتمية القانون الجديد بقدر حتميتها في التصدي دون هوادة أو استثناء لكل ألوان المحسوبية والفساد وساعتها لن نكون بحاجة إلي قانون جديد بقدر ما نحن في حاجة إلي تطبيق العدل علي الجميع،سواء كان هذا العدل وراءه قانون جديد أو حتي قديم.

تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف