بحث عنهم الملوك والأمراء. والمشاهير والأثرياء والرجال والنساء. وخرجت من تحت أيديهم أروع التصميمات وأجمل الأزياء. وكان طليعتهم ثالث الأنبياء.
ولا بأس أن نمر علي أصل كلمة "ترزي" التي نستخدمها صباح مساء. ولا ننسي أول من خط بالقلم. وتعلم اللغات من الأنبياء. ونشر العمران ورفع البناء.
يستخدم المصريون كلمة "ترزي" للدلالة علي من يعمل بحرفة الخياطة. وهي معربة عن اللغة الفارسية. وأصلها "درزي" بفتح الدال التي تحولت إلي تاء لسهولة نطقها علي ألسنة الناس بمرور الأيام والأعوام.
والتارز: الجامد أو الجاف أو اليابس أو الذي لا روح فيه.
وترز الماء: تجمد في الشتاء وتحول إلي جليد وحجر تارز: شديد الصلابة.
اعتمد الإنسان منذ فجر الزمان علي أوراق الشجر. وجلود الحيوان وغيرهما لستر بدنه وحمايته من الحر والبرد. حتي صنع السرابيل. وهي القمصان أو الجلابيب وملابس الإنسان تتأثر بالبيئة التي يعيش فيها. وايضا الحرف التي يمارسها.
ونبي الله إدريس "عليه السلام" هو أول من خاط الثياب. في التاريخ. وكانت بيضاء. وكان يسبح ربه عند كل غرزة يصنعها في كل ثوب.
* إدريس "عليه السلام"
- إدريس بن يارد بن مهلائيل بن قينان بن يانش بن شيت بن آدم "عليه السلام".
ثالث الأنبياء بعد آدم وشيت عليهما السلام اسمه في الكتب السابقة "إخنوخ".
حمل اسم إدريس لاهتمامه بالعلم والدراسة ومن معانيه "المعلم".
أجاد 72 لغة ولهجة كانت متداولة في عصره بالمنطقة التي تجول فيها بين النيل والفرات.
دعا إدريس "عليه السلام" إلي عبادة الله وحده "لا شريك له" والتمسك بمكارم الأخلاق..
أمر الناس بالصلاة والصيام والزكاة. وتحري طهارة البدن. ودعاهم إلي صالح الأعمال والزهد والتواضع والبعد عن المسكرات.
وهو أول من نظر وبحث في علم النجوم "الفلك" كما نشر العمران في أرجاء المعمورة. وأقام 188 مدينة.
وفي صحيح البخاري عن عبدالله بن عباس رضي الله عنهما وعبدالله بن مسعود رضي الله عنه. أن إدريس عليه السلام هو إلياس.
ورد ذكر إدريس "عليه السلام" في القرآن الكريم مرتين:
- "واذكر في الكتاب إدريس إنه كان صديقاً نبياً ہ ورفعناه مكاناً علياً" "مريم 56 - 57"
- "وإسماعيل وإدريس وذا الكفل كل من الصابرين" "الأنبياء 85".
قال ابن اسحق "85 - 151هـ. 703 - 768م" شيخ مؤرخي السيرة النبوية:
إدريس "عليه السلام" أول من خط بالقلم كتب بيده 30 صحيفة أنزلت عليه من السماء أدرك من حياة جده آدم 308 أعوام.
قابله النبي الكريم - صلي الله عليه وسلم - في رحلة الإسراء والمعراج في السماء الرابعة. وقال له: "مرحباً بالأخ الصالح والنبي الصالح".
عاش علي الأرض 800 عام. وقيل 1000 عام وقيل 865 عاماً وآمن به ألف إنسان.
تعجب ملك الموت من وجوده علي الأرض مع أن قبض روحه في السماء الرابعة.. ووجده أمامه في الوقت المعلوم. وسبحان من يقول للشيء: كن فيكون.
تقول الروايات إن إدريس "عليه السلام" ولد ببابل "العراق" أو في فلسطين أو في مصر.
امتدت دعوته عبر هذه المنطقة من النيل إلي الفرات.
وبابل محافظة عراقية جنوب بغداد. لها حضارة قديمة زاهرة 1894 - 1594ق.م من أشهر ملوكها حمورابي 1792 - 1750ق.م.
هاجر إدريس عليه السلام وأصحابه إلي مصر ووقف معهم علي شاطئ النيل يسبحون الله وعاش علي هذه الأرض الطيبة يعمل في حرفته وينشر رسالته.
قضي إدريس عليه السلام حياته في علم وعمل يصبح ويمسي ولا أحد علي وجه الأرض أفضل منه باجتهاده وأعماله الصالحة.
ظهر الاهتمام بالنسيج منذ فجر التاريخ في الحضارات المختلفة في مصر القديمة والعراق والشام واليمن والصين والهند وبلاد اليونان وأمريكا الوسطي "حضارة الأزيتك".
نسج المصريون القماش من الكتان. وبعد ذلك الصوف والقطن.
وبرع أهل خراسان "فارس القديمة" في صناعة السجاد والملابس.
وللخياط المصري شهرة واسعة في صبره واتقانه لحرفته. سواء في صنع الملابس البلدية والعباءات. أو الملابس العصرية للرجال والنساء.
وكان الجميع يسهرون ليلة العيد أمام محلات الخياطين في انتظار ملابسهم الجديدة دخلوا في منافسة حامية وأحياناً "ظالمة" مع الملابس الجاهزة والظروف الصعبة. وقالوا دفاعاً عن حرفتهم: "الجاهز لك ولغيرك. والتفصيل لك وحدك" يطابق مقاييس الجسم بالتمام والكمال. لا زيادة ولا نقصان.
وفي جنوب مصر وشمالها خاصة في أسوان يطلق الناس علي أولادهم اسم إدريس "عليه السلام" وكذلك في الدول العربية والإسلامية والعالم أجمع.
أنعم الله عز وجل بالحكمة والعلم علي إدريس "عليه السلام" ومن كلماته التي عاشت علي مر الأيام "عليه السلام" ومنها:
- خير الدنيا حسرة. وشرها ندم.
- السعيد من نظر إلي نفسه. وكانت شفاعته - عند ربه- أعماله الصالحة.
- الصبر - مع الإيمان - يورث الظفر "الفوز العظيم".