قالها الرئيس السيسى تلميحاً.. كأنه يستشرف ما سيحدث فى القريب العاجل. قال إن داعش سوف تنتقل للعمل من داخل ليبيا.. بعد أن انهارت قواتها تماماً أو كادت فى العراق، وسوريا لتتخذ من ليبيا قاعدة لعمليات ومن تم الانقضاض على مصر..
وهنا نقول: وهل لم يكن لداعش وجودها فى ليبيا.. أقول نعم: ولكنها ستصبح عاجلاً أو آجلاً ميداناً ومركزاً للهجوم على مصر.. إذ هم ـ كل الأعداءـ ومن أيام الحروب الصليبية.. وأيضاً المغول والتتار، كل الأعداء يعرفون، أن مصر هى الصخرة العاتية الصامدة، التى تتصدى لمخططات السيطرة على المنطقة كلها.. إذا تمكنوا من كسر مصر وتدميرها.. ولكن: كما نجحت مصر فى التصدى للصليبيين حتى أخرجتهم من المنطقة ولو بعد أكثر من قرنين.. وكما نجحت مصر فى ضرب الجيوش المغولية التى كانت تندفع غرباً وإيقاف عمليات اكتشافهم للمنطقة، فإن مصر تصمد الآن ولكنها تحذر من عواقب تمركز داعش فى ليبيا.. بل كما استطاعت مصر حماية أوروبا نفسها من اكتساح المغول لها.. فإن مصر وقد سلطت الأضواء على عنف مخططات الإرهابيين، أكدت للعالم وأوروبا فى المقدمة - أن الإرهاب لن يرحم أوروبا نفسها وأيضاً أمريكا.. ولقد فهم «الغرب» حقيقة هذه المعارك الرهيبة التى تخوضها مصر الآن.. وبمنتهى الشراسة.
<< ولكن ماذا لو نقلت داعش ـ فعلاً ـ نشاطها وركزته فى ليبيا ما هو الخطر الذى يهددنا أكثر الآن، وفى المستقبل؟ نقول ذلك لأن حدودنا مع ليبيا تمتد أكثر من 1094 كيلو متراً. فلا تعرف هل يجىء خطرهم على مصر من أقصى الشمال من غرب السلوم.. أى من أول نقطة هناك شرق برقة وشرق بنغازى.. أم يأتينا من الوسط ـ جنوب واحة الجغبوب التى هى مصرية بالفعل ولكنها تحت إرادة ليبيا الآن وهى تواجه تقريباً واحة سيوة وواحات الداخلة والخارجة أى عمق «الوادى الجديد» ولا هل يأتى الإرهاب من أقصى جنوب ليبيا عند التقاء حدودها مع حدود السودان.. ومع حدودنا فى منطقة العوينات.
<< وأتوقع تصعيد العمليات الإرهابية ضدنا من هذه الجبهة فى الأيام القادمة وما حدث عند الكيلو 135 من طريق الواحات إلا محاولة لجس النبض واختبار مدى صمودنا..
ومن هنا كانت اليقظة المصرية أفضل ما كانت عندما أنشأت قاعدة عسكرية متقدمةـ فى عمق هذه الصحراء الغربية وإن كانت إلى الشمال تقريباً ـ تلك هى قاعدة محمد نجيب العسكرية. وهذا السلوك يؤكد عبقرية المدرسة العسكرية والسياسية المصرية أى للتقدم دون انتظار وصول الخطر الى أراضينا.. إذ كان ذلك وراء عدم انتظار الأحداث لكى نتحصن جيداً.. ونواجه الإرهابيين.. نعم بكل صدق: جبهتنا الغربية أى حدودنا مع ليبيا هى نقطة الخطر القادم بلا جدال.. وربما تتركز فيها كل القوى الإقليمية والعالمية المناهضة لنا لكى تدعم وجود الدواعش، بعد أن يتخذوا من ليبيا قاعدة للعدوان علينا.. وربما هذا وراء إصرارنا على تقوية قواتنا المسلحة وتسليحها جيداً.
<< وخطر آخر فى الطريق.. هو من حدودنا الجنوبية التى تمتد 1280 كيلومتراً بسبب التسلل إلى العمق المصري.. لكى تقع مصر بين نارين. ولا تنسوا هنا ما يجرى فى سيناء حيث أقصى شمال حدودنا الشرقية.
وأثق تماماً أن المخطط الإرهابى يعمد إلى تشتيت القوى المصرية ما بين معارك فى الشمال الشرقى ـ حيث سيناء ـ ومن معارك بدأت وسوف تتصاعد من ناحية ليبيا.. ومع طول سواحلنا البحرية على البحرين المتوسط والأحمر..
<< وهنا يجب أن يعى الغرب خطورة ذلك؛ لأن ترك الإرهابيين ينفذون خططهم فإنهم ـ فى الغرب ـ لن يكونوا بمعزل عن هذا الخطر.. بل سوف يطولهم ـ وبدأ ذلك بالفعل ـ من هنا نجحت مصر بتحركاتهم الشاملة وزيارات الرئيس السيسى، وكل كلماته حتى الأمم المتحدة فى كشف هذه الحقائق المؤلمة للعالم كله.. هنا نحلم أن تتوحد جهود الساعين إلى السلام لكى تتوحد قواهم لمواجهة هذا الإرهاب الذى يستهدف العالم كله.. وليس مصر وليس المنطقة المحيطة بنا فقط..
على العالم أن يتحرك. قبل أن يتشعب الإرهاب.. ويحرق العالم بنيرانه.