المصريون
احمد زكريا عبد اللطيف
الإعلام والبهلوان!!
يوسف إدريس كاتب قصصي، مسرحي، وروائي مصري ، حاز على بكالوريوس الطب عام 1947 وفي 1951 تخصص في الطب النفسي،وله أعمال أدبية كثيرة.
مسرحية «البهلوان»، التى كتبها يوسف إدريس عام 1983، تجسد واقعا معاشا من النفاق الإعلامي المستمر،الذي هو مطية في يد السلطة الغاشمة،مزيفا لوعي الجماهير ومحولا الحق إلى باطل،متأسيا بالدعاية الإعلامية الفرعونية عندما قال عن موسى- عليه السلام - : {وَقَالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَى وَلْيَدْعُ رَبَّهُ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ} [غافر: 26].
فـ (زعرب) الذى يثبت نجاحًا فائقًا في امتحان التقدم للعمل بهلوانًا فى سيرك، يسأل مديرُ السيرك زعربَ البهلوان: إزّاي واحد محترم زيّك يا حسن بك رئيس تحرير قدّ الدنيا ومشهور جدا، وإشى إذاعة وتليفزيون، وتعليقات وأحاديث.. راجل زى ده.. إيه يخليه يوطّى نفسه، ويشتغل بهلوان بالليل فى السيرك بتاعنا ده؟!
حسن زعرب، رئيس التحرير البهلوان، يقفز على الحبل بنجاح ساحق ويرد عليه: عشان أتوازن..
حسن يواصل البهلوانية فى الجريدة من أجل إرضاء السيد الجديد، وفى الوقت نفسه يمارس عمله بهلوانًا فى السيرك على أفضل ما يكون ونسمعه يقول فى لعبة المشى على الحبل أمام الجماهير: (ماتخافش يا واد.. ده إحنا أساتذة فى المشى على الحبل، ده الواحد مننا يتولد ماشى على الحبل، ويفضل ماشى عليه لغاية ما يموت، وفى الآخرة برضه بيمشى على الصراط المستقيم، والجدع يا واد هو اللى مايقعش، وانت جدع، اللى بيسوق ماشى على الحبل واللى ماشى بيسوق على الحبل.. المسؤول على الحبل والموظف متشعبط فيه، رئيس التحرير على حتة دين حبل، حبل إنما خازوق، حبل واقف إذا فضل عليه مخزوق، وإذا وقع يتخزوق أكتر.. الكراسى عندنا حبال والبيوت حبال، إذا سبت الحبل ومشيت على الأرض يقولوا عليك جبان أكّيل عيش وأرزقى، وإذا انقطع بيك الحبل وانقطع عيشك يقولوا هوّا اللى غلطان، مين اللى قال له يمشى على الحبل.. أيها الحبل كم من الجرائم تُرتكَب باسمك).
وهكذا يعيش الإعلام باحثا دائما عن سيد ممدوح ،وهو صاحب السلطة حتى لو كان إبليس،وعن ضحية مذموم حتى ولو كان موسى رسول الله!
وما جسده يوسف إدريس في (البهلوان) هي الحالة المصرية القديمة الحديثة،فيمكن لك بشيء من النظر أن تستخرج مئات البهلونات في وسائل إعلامنا المختلفة.
فلامانع أن يمدح روسيا اليوم ويسبها غدا
• نقرأ – مثلاً - في المشهد الثاني من هذه المسرحية:

"إيفا : فيه إيه يا حسن بك؟
حسن: السياسة اتغيرت ودلوقتي لازم نهاجم أمريكا مش روسيا.
إيفا : يا نهار أبيض! والمانشيت؟
حسن: يغيروه.
إيفا : إزاي بس؟
حسن: يخلوه زي ما هو بس يشيلوا كلمة روسيا ويحطوا أمريكا، وبدال ما هو أحمر يخلوه إسود."

وهكذا يعمل البهلوان دائما عبدا للسادة،لا دين له ولا ضمير،إلا مايحقق مصلحته.
فـ حسن المهيلمي (زعرب) نموذجا صادما للإعلامي المتملق المنافق ،الذي يغير مواقفه ومبادئه كلما اقتضى الأمر،وعنده من المبررات ما يقنع به نفسه المريضة!!
وقد أبدع يوسف إدريس في إظهار بواطن الكثير من المرتزقة ،وكأنه يعيش عصرنا ،ويتابع إعلامنا .
فكم من (زعرب)يملأ الفضائيات ضجيجا وعويلا ونفاق،وكم من (الزعربات)التي لا تتوقف السفاهة والبذاءة اندفاعا من أفواههن!!
كفانا الله شر (زعرب وزعربة)!!!

أعجبني
أحببته
هاهاها
واااو
أح
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف