أحمد سعيد طنطاوى
تطبيق قانون المرور الجديد
لن أغوص عميقًا في قانون المرور الجديد.. وأقوم بتفنيد ما فيه من خير وما فيه من نواقص أو سلبيات.. فما خبرته عبر سنين طويلة.. أن القضية الكبري ليست فى سن القوانين ولا التفرغ لصياغتها ولا العمق فى تفاصيلها.. لكن الشيء المهم.. هو التطبيق.
تطبيق القانون هو الحد الفاصل بين الدول المتقدمة وغير المتقدمة، وتطبيقه على الجميع هو أهم شروط نجاحه فى مصر أو خارجها، حين لا يوجد فرق بين وزير أو غفير.. فالكل سواسية أمام أعين العدالة التى يرسمها الفنانون فى كل بقاع العالم مغطاة بقطعة قماش، حتي لا تري الفرق بين الأجناس ولا الوظائف ولا الألوان.
وأرى أن تطبيق قانون المرور، واحد من الحلول السحرية ليشعر المواطن بقبضة الدولة القوية، خاصة دولة القانون.. فالشارع هو أكثر مكان يري فيه المواطن قوة شخصية دولته.. حسمها أم رعونتها، تحيزها لفئة معينة على حساب فئة أخري أم أن الكل سواسية أمام نفس المخالفة.
فإذا مرقت سيارة مخالفة أما عين عسكري المرور، فلا فرق بين عربة سوداء كبيرة باهضة الثمن تغطي زجاجها بـ "الفامية" أو سيارة أخري حالتها أكثر ضعفا وسعرها أقل تكلفة وزجاجها شفافا يدخل أشعة الشمس داخلها ليلسع من فيها.. فلو طبقنا قانون المرور على الاثنين سيشعر المواطن بالعدل، وسيراه فى الشارع.
تطبيق القانون لن يفرض فقط قوة الدولة لكنه سيحسن أيضا فى صحة المواطنين، بلاد كثيرة قللت نسبة التلوث فى الجو عندها إلى الثلث عند تطبيق بند واحد فى قانون مرورهم، وهو عمر سيارات المواصلات العامة بألا يزيد عن 20 عاما.. ونحن نستطيع أن نفعل.. فالناس فى كل بقاع العالم سواسية، خلقهم الله قادرين على التفكير والابتكار والإبداع.. ولكننا للأسف لا نفعل
تطبيق القانون يوفير الأموال أيضا.. فعساكر المرور عندنا حينما يمنعون فقط سيارات الأجرة من التوقف فى مطالع ومنازل الكباري.. تنساب الحركة المرورية بشكل يبدوا غريبا وغير مألوفا.. وتستغرق رحلات المسافرين نصف الوقت أو أقل.. كل هذا حينما طبقنا القانون بشكل صحيح وفى بند واحد فقط، فما بالنا لو طبقناه بشكل يومي.
يبقى فى النهاية كلمة أخيرة... لماذا ننتظر إقرار القانون الجديد حتي نطبقه على السيارات التي تسير عكس الاتجاه؟!.. لماذا ننتظر قانون المرور الجديد حتي نطبقه على ترخيص التكاتك التى تستخدم فى السرقات والخطف وغيرهما من الجرائم؟!.. لماذا ننتظره لنطبقه على السيارات التى تنفث العادم وتؤذي ملايين الصدور وتسبب الحساسية والكحة؟!.. لماذا ننتظره حتي نطبقه على سائقي الأجرة فى تقطيع المسافات، وعلى المنتظرين فى المخالف..
أليست هذه الأمثلة البسيطة تبين أن أهم شيء هو التطبيق.. تطبيق القانون.