الجمهورية
عبد الحليم رفاعى حجازى
فى ظلال القرآن العظيم .. حكمة نزول القرآن
ونحن نستعد لاستقبال شهر رمضان المبارك. وما أطيب أن يكون ذلك بتلاوة القرآن. وتدبُر معانيه. والحِكَم المتعددة لنزوله. مفرقاً كما ذكر العلماء. ومن أهمها ما يأتي:
1- تسريته "صلي الله عليه وسلم" عما أصابه من أذي. فقد تعرض منذ بعثته لألوان من الأذي الشديد الذي تمثل في المساومة والمقاطعة والتعنت والعدوان والترهيب ومحاولة قتله. فكان القرآن ينزل عليه ليهون عليه البلاء وليرفع عن كاهله الحزن والعناء. وليسريه عما لحق به من أعدائه من تطاول واستهزاء. وهذه التسرية نراها تارة عن طريق قصص الأنبياء السابقين وما أصابهم من الجاهلين والجاحدين. ومن الآيات التي وردت في هذا المعني قوله تعالي: "وكلاً نقص عليك من أنباء الرسل ما نثبت به فؤادك" "هود: 120". وفوراً نري القرآن الكريم يغرس هذه التسرية في قلبه "صلي الله عليه وسلم" لبيان أن أعدائة يعرفون صدقه كما يعرفون أبناءهم إلا أن الجحود والحسد والعناد هو الذي حملهم علي عداوته. ومن الآيات التي أكدت هذا المعني قوله عز وجل: "قد نعلم أنه لا يحزنك الذي يقولون فإنهم لا يكذبونك ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون" "الأنعام: 33".
2- التدرج في تربية الأمة الإسلامية علي ما يهديها إلي الصلاح والبر والفلاح. وهذا التدرج لم يكن فيما يتعلق بالعقائد والعبادات ومكارم الأخلاق. لأن هذه الأمور لا تقبل التدرج. لقد حسم القرآن الحكم بأنها من نزوله علي النبي "صلي الله عليه وسلم" قال تعالي: "قل يا أيها الكافرون لا أعبد ما تعبدون ولا أنتم عابدون ما أعبد ولا أنا عابد من عبدتم ولا أنتم عابدون ما أعبد. لكم دينكم ولي دين".. وإنما كان هذا التدرج في الأمور التي تتعلق ببعض العادات والمعاملات تيسيراً علي الأمة.
3- كذلك من الحكم التي من أجلها نزل القرآن مفرقاً: الإجابة عن أسئلة السائلين.. ولقد حكي القرآن الكريم كثيراً من الأسئلة التي وجهها السائلون إلي النبي "صلي الله عليه وسلم" فنزل القرآن بالإجابة عليها.
ومن أمثلة ذلك قوله تعالي : "ويسألونك عن ذي القرنين. قل سأتلو عليكم منه ذكراً..." "الكهف: 38". وما بعدها.. وقوله سبحانه : "ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلاً" "الإسراء: 85".. وقوله تعالي : "يسألك الناس عن الساعة. قل إنما علمها عند الله" "الأحزاب: 63". إلي غير ذلك من الآيات التي أجابت عن أسئلة السائلين التي وردت في أزمنة وأمكنة مختلفة.
4- لفت المؤمنين إلي أخطائهم حتي لا يعودوا إليها مرة أخري. كما حدث من بعضهم في غزوة "أحد". فقد خالف الرماة ما وصاهم به الرسول "صلي الله عليه وسلم" حيث وصاهم بأن يبقوا في أماكنهم ولا يبارحوها. لكي يحموا ظهور المسلمين. ولكنهم بعد أن بدأت المعركة ورأوا أن المشركين قد هُزموا. تركوا أماكنهم. فانتهز بعض المشركين هذه الفرصة. وأتوا إلي المسلمين من الخلف. فكان ما كان من اختلال صفوف المسلمين. ونزلت عشرات الآيات من سورة آل عمران. تحكي أحداث غزوة أحد وتذكر بعض المسلمين بأخطائهم وتحذرهم من الوقوع فيها مرة أخري.. ومن ذلك قوله تعالي : "أو لما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها. قلتم أني هذا. قل هو من عند أنفسكم. إن الله علي كل شيء قدير. وما أصابكم يوم التقي الجمعان فبإذن الله وليعلم المؤمنين" "آل عمران: 165 - 166".
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف