جلال دويدار
خواطر - لا.. للشعارات الوهمية في مواجهة قضية التعليم
متي نتخلص من آفة التغاضي عن رؤية الخطأ الذي يقود الي مزيد من الاخطاء بل الي كوارث ونتعمد دفن رؤوسنا في الرمال؟
ليس من سبيل لإصلاح أحوالنا سوي الصراحة مع النفس والجنوح إلي المصداقية التي تستند إلي العقل والمنطق وتحقيق المصلحة العامة. هذه العقدة تقف وللأسف وراء تطوير وتحديث عملية التعليم التي لا ينقصها سوي الاعتمادات المالية التي تمكننا من الاستجابة لتحقيق هذا الهدف.
في هذا الشأن فإنني اعجب واندهش من هذه الاصوات وهذه الآراء التي تعودت علي عادة النفاق والتزلف بما يتعارض مع ما تقتضيه المصلحة العامة. انهم يمارسون هذا الدور القائم علي عبادة الاصنام المتمثلة في الشعارات التي عفا عليها الزمن.. رغم علمهم وادراكهم بسوء توجهاتهم. كان عليهم ان يعلموا ويفهموا ان الدنيا تغيرت وان مصر الـ٢٠ مليون نسمة ليست مصر المائة مليون نسمة بمشاكلها ومتطلباتها ومسئولياتها.
تواصل واستمرار هذا السلوك تجاه التحرك لحل مشكلة التعليم العويصة يجعلنا بهذا الموقف الرافض الذي لا يتوافق مع منطق وعقل.. لقرار وزير التعليم الدكتور طارق شوقي برفع مصاريف التعليم في المدارس الحكومية إلي عشرين جنيها. هل هذا معقول في وقت بلغ فيه سعر كيلو الطماطم عشرة جنيهات؟ ما هذا الهزل وما هذا التناقض الذي يستهدف عرقلة أي حل لهذه المشكلة.. كيف بالله يوافق ويرضي أصحاب هذه الاصوات بأن يدفع الآباء آلاف الجنيهات للدروس الخصوصية نتيجة عدم كفاءة الأداء بالمدارس الحكومية. ليس خافيا ان وراء لجوء المدرسين الي الدروس الخصوصية التدني في أجورهم.
هل العشرون جنيها المطلوبة منهم للمساعدة علي تحسين العملية التعليمية تعد مشكلة مقارنة بالآلاف التي يتم دفعها للدروس الخصوصية وبلغ حجمها ثلاثين مليار جنيه. الحقيقة أن لا توصيف لما يحدث سوي انه مهزلة بكل المقاييس. ماذا يمكن ان تكون النتيجة لو اضيفت هذه المليارات الي موازنة التعليم. من المؤكد ان الحال كان سيكون غير هذا الحال بالنسبة لهذه القضية التي تهم كل بيت. ان هذه العشرين جنيها المطلوبة من ولي الامر.. سوف تساهم في تحريك العملية التعليمية بالمدارس الحكومية نحو الافضل. الي جانب تحسين أحوال المعلمين وتحفيزهم علي القيام بمسئولياتهم واداء واجباتهم مما يقضي تماما علي الدروس الخصوصية.
هذا هو الواقع الذي يجب ان نعترف به اذا علمنا ان موازنة التعليم بلغت ٩٠ مليار جنيه يخصص منها ٦٨ مليارا للاجور التي يشكو المعلمون من تدنيها. لا جدال ان مبلغ العشرين جنيها سوف يحقق دخلا اضافيا لوزارة التعليم يمكن استخدامه في برنامج التطوير الطموح الذي يتبناه وزير التعليم الدكتور طارق شوقي. السؤال الاهم هل نريد حقا الارتقاء بمستوي العملية التعليمية؟ اذا كنا مخلصين في هذا التوجه فليس امامنا سوي الاخذ بالمثل العامي الذي يقول: »اطبخي يا جارية.. كلف يا سيدي».