لن أنتخبك طبعا، ولو انطبقت السما على الأرض، وأسبابى كثيرة، ولكن يجب أن يكون معلوما أنك بإعلان اعتزامك الترشح لرئاسة الجمهورية، وهذا حقك الدستوري، مطالب بأن تقبل بشروط اللعبة من أولها، وألا تكون مغامرتك الانتخابية هدفها تحقيق أهداف سياسية وشخصية أخرى.فأولا: قلت، وقال مؤيدوك بدل المرة عشرات المرات، إن شعبية السيسى فى تراجع، بل وفى انهيار، بسبب تردى الأوضاع الأمنية والاقتصادية، فى حين ظهرت أنت محمولا على الأعناق، ويتعامل معك أنصارك ومعجبوك على أنك الزعيم الملهم، وهذا معناه «إذن، ورينا شطارتك» فى الانتخابات المقبلة!ثانيا: المرشح للرئاسة ليس نبيا مرسلا، ولا هو فوق النقد ولا المساءلة، فالرئيس الحالى للبلاد هو أكثر من يتعرض للانتقاد، وبشكل علني، وفى مؤتمرات عامة، وفى الشارع، بل ويتعرض لما هو أكثر من النقد، سواء عبر وسائل الإعلام التقليدية التى يعتبرها معارضوه مؤيدة له، أو عبر السوشيال ميديا التى لا يوقف تطاولها ولا بذاءتها أحد، يعنى باختصار، «استحمل ربع اللى بيستحمله غيرك»، وبلاش حكاية المؤامرات دي!ثالثا: المرشح للرئاسة، أى مرشح، يخضع للدستور والقوانين المنظمة للعملية الانتخابية، وهو ما يعنى أن «سيادتك» ارتضيت منذ البداية بقواعد اللعبة السياسية والانتخابية فى دولة تصفها أنت نفسك بأنها «قمعية»، وبالتالى فعليك تقبل نتائج الانتخابات ومحصلتها أيا كانت، يعنى ما حدش يخسر ويقول «أي»، ولن يكون مقنعا الانسحاب فى نص الطريق، أو تبرير الهزيمة - لو حدثت - بحشد الدولة وتجييش الإعلام لحساب مرشح بعينه، فالفشل ليس عيبا.رابعا: المرشح للرئاسة يجب أن يكون لديه برنامج انتخابى واضح غير الهتافات والشعارات وتسلق أكتاف المتظاهرين فى الشوارع، فما هو برنامجك لمواجهة الإرهاب شرقا وغربا، وهل ترى هذه الجحافل فى شمال سيناء وليبيا جزءا من مؤامرة، أم فيلما سينمائيا من أفلام الخيال العلمي؟ ما هو برنامجك لإصلاح الاقتصاد، ولخفض الأسعار، ولعودة السياحة؟ ما هو برنامجك لعلاج المشكلة السكانية؟ أم أنك لا تراها مشكلة؟ كيف ستوفر فرص عمل للشباب، وأقصد هنا الشباب العادي، وليس الشباب «المستموت» الذى احترف «التحرش بالدولة» لنيل الاعتراف الخارجى من شهرة وتمويل وجوائز، ويطلقون عليهم فى الإعلام الغربى «أيقونات الثورة»؟!خامسا: المرشح للرئاسة يجب أن يوضح للناس أسلوب تعامله وتعاونه مع مؤسسات الدولة، وكيف سيقود هذه المؤسسات، وهل سينسق سياساته وقراراته معها، أم سيصطدم معها؟ هل سيحافظ عليها، أم سيهدمها لأنه من أنصار فكرة «انسف حمامك القديم» التى ظهرت فى يناير، حتى «نبنيه من أول وجديد على نضافة»؟!سادسا: الانتخابات الرئاسية فى مصر شأن داخلى مصري، وأى محاولة لإقحام قوى خارجية فى المباراة الانتخابية أو الاستقواء بالإعلام الأجنبي محكوم عليها بالفشل والخزى أيضا، ولنا فى سياسيين ومرشحين و«مناضلين» سابقين أكثر من عظة وعبرة.سابعا: من حق أى حزب أو أى نقابة أو أى مؤسسة أو أى وسيلة إعلامية «خاصة» الامتناع عن استضافتك أو تأييدك، فليس فى هذا مؤامرة ولا قمعا ولا اضطهادا ولا«استقصادا»، بل ويحدث فى كل الدول الديمقراطية، وأولاها الولايات المتحدة التى يقف فيها الإعلام صراحة مع أحد المرشحين للرئاسة دون غيره، لدرجة أن صحفا أمريكية عريقة لا تعترف حتى يومنا هذا بشرعية ترامب!ثامنا: الاستقواء بالشارع، والتحريض على التظاهر، باعتبارهما من وسائل الدعاية الانتخابية، لن يكون فى صالحك، فالمواطن المصرى العادى لا يطيق فكرة المظاهرات ولا الوقفات، ويكفى ما يعانى منه بسببها وبسبب أيامها السوداء، ناهيك عن أن ذلك لن يليق، لأنه سيضعك فى صورة مرشح الشعب الذى لا يحترم الشعب، ورجل القانون الذى لا يحترم القانون!تاسعا: يجب أن يكون مفهوما أن المرشح للرئاسة لدولة بحجم ومشكلات وأعباء مصر لديه أسباب كثيرة للترشح ليس من بينها حب الشهرة، ولا الاحتماء بالمنصب أو بصفة «مرشح» من أى اتهامات أو مشكلات قانونية سابقة أو حالية أو مستقبلية، وأظن الكلام مفهوم... عاشرا وأخيرا: ما يقال لخالد علي، يقال لغيره أيضا من مرشحى الرئاسة المحتملين، وأولهم السيسى نفسه، الذى لم يعلن بعد ترشحه فعليا، ولكنه سبق وأن دعا المصريين للمشاركة بكثافة فى هذه الانتخابات، بل وأكد أكثر من مرة أنه لن يبقى رئيس فى منصبه ساعة واحدة إذا كانت جموع الشعب لا تريده... هل هناك «ديكتاتورية» أكثر من ذلك؟!