الأهرام
أحمد هوارى
الخليج وإيران.. والحرب الباردة
حرب باردة مصيرية تخوضها دول الخليج العربى هذه الأيام ضد إيران.. أيام صعبة ثقيلة الوطأة يخوضها الخليج.. استبانت فيها الجبهات إلى حد بعيد بعد 7 سنوات من فوضى الربيع العربي.. وتكشف عبرها ما حققته طهران من توسع مخيف عبر أذرعتها المسلحة باليمن والعراق وسوريا ولبنان.. قواعد عسكرية هنا وميليشيات هناك.. نظام موال بدولة وجماعات موالية فى أخري.. خطر تصاعدت به تحذيرات الخليج عبر سنوات ماضية.. تحذيرات تاهت وسط فورات الثورات والمعارك والإرهاب.. وآن أوان الالتفات إليها .. بعد أن صارت الكوابيس المخيفة حقائق صادمة ماثلة على أرض الواقع.وصلت صواريخ الحوثى القادمة من إيران لأجواء مكة المكرمة والرياض.. فجرت الأيادى المدربة إيرانيا الإرهاب وأنابيب النفط بالبحرين.. ترسخت القواعد العسكرية الإيرانية بمحيط دمشق.. العراق كاملا سقط منهكا من سنوات المعارك فى كنف إيران.. لبنان بات مرتهن القرار السياسى لميليشيا حزب الله التابعة لإيران.مابالك برئيس وزراء دولة يستشعر على حياته الشخصية خطرا يدفعه للخروج عنها تجنيبا لبلده السقوط فى فتنة مسلحة أخري؟.. أى خلل وأى انتهاك وأى تهديد فى كل ما يجرى بالخليج والشرق الأوسط؟ ذلك الجار الذى لا يتوقف عن التمدد والتوسع بسطوة مذهبه وبقوة سلاحه حتى عقر دارك دون شبع أو اكتفاء.. كيف يمكنك التعايش معه؟ بوتيرة درامية متسارعة تتلاحق الأحداث فى منطقة الشرق الأوسط حتى لا يمر يكاد يمر يوم دون حدث جلل جديد.. فى ذات اليوم الذى أعلن فيه رئيس الوزراء اللبنانى المستقيل سعد الحريري، من السعودية، استقالته رفضا لحرب الوكالة التى يخوضها حزب الله اللبنانى عن إيران فى أرجاء سوريا واليمن.. أسقطت دفاعات السعودية صاروخا باليستيا حوثيا فوق العاصمة الرياض.. فصل من فصول حرب باردة كبرى تستنزف الخليج بضراوة وتهدد استقراره واستقرار العالم العربى بأسره. تخوض المملكة العربية السعودية على رأس دول الخليج العربى معتركا صعبا للذود عن نفسها.. تواجه بثبات رغم صعوبة المواجهة واتساع ميادينها وتعدد أسلحتها.. بينما تجرى بالمملكة عملية تغيير بوتيرة تلهث خلفها وسائل إعلام ومراكز أبحاث العالم.. تتغير السعودية برؤية شابة طموحة ترى دولة جديدة حديثة بحلول عام 2030، أكثر انفتاحا وتطورا، باقتصاد لا يقوم على النفط، وبمشروعات عملاقة ستغير وجه المملكة.. وبجرأة غير مسبوقة فى فتح الملفات الصعبة والشائكة وحسمها.لا مستقبل لدول المنطقة ما دامت فوضى الجماعات المسلحة.. تلك الحقيقة الصعبة التى تغافل عنها الجميع وبات لزاما مواجهتها.. يواجه الخليج الآن أكثر معارك المنطقة وعورة فى تاريخها الحديث.. تفكيك الميليشيات واحتواؤها واستعادة مفهوم الدولة الوطنية صاحبة السيادة الكاملة والقرار المستقل.. وإن لم تكن تتخيل صعوبة المعركة فسأختزلها لك بطلب واحد.. أن تسأل السيد حسن نصرالله أن يدمج حزب الله بالجيش اللبنانى وأن يسلم سلاحه.. وأن يتنازل عن قرار الحرب لصالح دولته التى تؤويه لا مرجعيته التى تسوقه.. أو أن تسأل السيد عبد الملك الحوثى أن يترك سلاحه لسلطة يمنية شرعية لليمنيين جميعا.. تخيل معى كيف ستكون الإجابة.إن كل خطوة لدعم استقرار السعودية والخليج على كافة الأصعدة باتت أولوية مصرية وعربية طارئة.. بتقديم كل الجهد للحيلولة دون تفاقم هذا الصراع لحرب شاملة.. والحد من النفوذ الإيرانى المستفحل فى دول الشرق الأوسط والخليج بالسبل المتاحة.. وكما أتتنا يد العون الخليجية فى كل لحظة صعبة.. لم تتوان مصر يوما عن رد الجميل أمام كل خطر.. ذاك تاريخنا وسوابق أفعاله.. وهذا حاضرنا وحقيقة أخطاره.. وذلك مصيرنا الذى سنختاره.والحق أن هذا الأمر دور تاريخى ينبغى أن يستعاد، كما هو انحياز لشرعية دولية تضع الخطر الإيرانى نصب عينها وأسفل مقصلة عقوباتها.. وتضع إيران والإرهاب وكوريا الشمالية على رأس الأخطار المهددة للاستقرار الدولي.. وما كانت القمة الأمريكية العربية الإسلامية التى عقدت بالسعودية إلا بداية لفترة مقبلة من المواجهة الفعلية لخطر إيران وتوسعاتها غير الشرعية على حساب دول الجوار وسيادتها.. وهى نفس الفترة التى تسابق فيها طهران الزمن لإيجاد مواطئ قدم دائمة داخل المنطقة .. سياسيا وعسكريا.. ومن ثم.. فالصراع الراهن صراع مصيرى عن جدارة.. والوضع الذى سيتمخض عنه سيظل حاكما لفترة طويلة مقبلة.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف