الأهرام
سمير شحاتة
صباح الياسمين - صرخة الكبار ضد «العزلة والجليطة»
ليس أفظع من صرخة انسان تمكنت منه تجاعيد الثمانينيات من العمر، يعيش فى عزلة إجبارية ووحدة قاتلة، مستجديا الخالق بأن يعجل من موته، ليس كراهية فى الحياة، إنما لإحساسه الناس لم تعد مهتمة بوجوده، وبخل الأصدقاء بالسؤال، وتوقف التليفون عن الرنين، وكان يملأ الدنيا ضجيجا، صمت مع انحصار الأضواء عن صاحبه فى عالم يملؤه الزيف، وهو لم يبخل يوما بالعطاء بإبداعاته التى ساهمت فى تشكيل الوجدان، انه الكاتب مجيد طوبيا، واحد من الكبار بالقصة القصيرة والرواية، صاحب «أبناء الصمت» التى تحولت فيلما و«عذراء الغروب»، ورائعته «تغريبة بنى حتحوت» المستلهمة من التراث، اختارها اتحاد الكتاب العرب ضمن أفضل مائة رواية عربية، وروايته الجريئة «الهؤلاء» بمواجهة التسلّط واللاإنسانية، وغياب الحرية والعلاقة المضطربة بين السلطة والمثقف، ومقالاته الساخرة «التاريخ العميق للحمير»، وننتظر منه المزيد، فقد يجد بشخوص رواياته إنسانية ورقى يفتقدهما بأرض الواقع! وبأخلاق النبلاء أوصى مجيد طوبيا بممتلكاته وثروته لمؤسسة مجدى يعقوب للأطفال مرضى القلب.

على المعنيين بالشأن الثقافى وبالإنسان عموما الاهتمام بالتواصل الدائم مع المبدعين فى شيخوختهم وإخراجهم من عزلتهم، وتسهيل الحياة عليهم، فللأسف شاهدنا بالوقت نفسه ماتعرض له الكاتب الصحفى الصعيدى الشهير وديع فلسطين البالغ 94عاما صاحب مؤلفات وترجمات بالأدب والاقتصاد والسياسة والصحافة، تعاملت معه موظفة بالمعاشات بجليطة بأن أجبرته بالامتثال أمامها بالصعود ثلاثة طوابق للتأكد من أنه على قيد الحياة! يحدث ذلك فى عصر الميكنة والالكترونيات التى صدعتنا به وزارة التأمينات لتخفيف المعاناة عن كبار السن، ارحموا من فى الأرض يرحمكم من فى السماء.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف