أبو الفتوح قلقيلة
اعفوا عني يا «هُبل».. سامحني يا «بنايوتي»
ربما نعيش في عالم من الترف والرفاهية لا نشعر به، فمن الممكن جدا أن الغلاء الفاحش والارتفاع الجنونى اليومى في الأسعار كلها أوهام وخيالات و(تهيؤات) أصاب أغلبية الشعب تقريبا عدا السادة نوابه.. المبجلين المحترمين الأفذاذ المُشرعين لنا ولوطننا الحبيب، لذا وجدوا أن قتل هذا الترف البغيض لا يتحقق إلا بإخراس الجميع وقطع ألسن من يجرؤ على إهانة السادة الرموز القدامى فاقترحوا صارما بتارا أسموه قانون إهانة الرموز.. رموزنا الأجلاء.. السادة الغرانيق العظام.. اعلوا مولاى الرمز.. اعلوا هُبل وأقطع لسان من يفكر في النيل من سطوتك وقوتك.. وفورا ستجد بعد تطبيق القانون أن الكاتب سيصرخ من فوره.. آه آه.. أي أي لقد شُلت ذراعى.. اعفوا عني يا هبل.. سايق عليك بقية الصحبة المباركة من الرموز الآلهة العظام!
هل يصدق أحد في هذا البلد المنكوب بكثير من(...) طبعا النقاط إيثارا للسلامة وخوفا من الوقوع تحت طائلة السادة الرموز الحاليين، أنه منذ بضعة أيام فقط، كان رئيس الجمهورية حاضرا وفاعلا ومشاركا في مؤتمر للشباب عنوانه وشعاره.. نحن بحاجه لأن نتكلم..we need to talk !
هل هناك دولتان، دولة تعلن عن نفسها للخارج بأن الكلام مباح وجميل وكيوت ومتاح لكافة خلق الله على أرض مصر... ولكنه مُحرم وممنوع ومُعاقب عليه للمصريين الذين يفترض أنهم أصحاب تلك البلد والمستضيفين لكل خلق الله !
هل هناك انفصام في الشخصية عند من يريد إخراس كل من تسول له نفسه إنتقاد أي شخصية تاريخية أو تراثية بدعوى أنها رمز!.. من منح هؤلاء حق إقرار صفة الرمزية على شخص ما، فحتى الأنبياء المرسلين من قبل المولى عز وجل، هناك من يؤمن بهم وهناك من يكفر بهم ولا يعتبرهم رموزا، هل جعل هؤلاء من أنفسهم آلهة يحاسبون البشر قبل يوم القيامة، وهل كل من تم ذكر اسمه في كتب التاريخ يعد رمزا !
"خاين" بك و"محمد على"
هل وجود أسماء مثل "خاير" بك والذي لقبه المصريون بخاين بك يعد رمزا مع أنه خان مصر وساعد على احتلالها لكنه مذكور كثيرا في كتب التاريخ وفى وثائق الدولة المصرية، هل نعتبر محمد على باشا رمزا مصريا وهو تاجر دخان ألباني كان عبدا مملوكا عند المصريين فحكمهم بخيبة النخبة وتوسل السيد عمر مكرم له من أجل أن يتفضل ويحكمنا، ثم ما لبث أنه أذاقهم ويلات باقية تراثيا حتى الآن.. ما لكم كيف تحكمون!.. هل نخرس ونأتى على البقية الباقية من إنسانيتنا وحقنا الطبيعى في الإنتقاد والنقاش والكلام الذي نحتاجه وفقا لشعار مؤتمر الدولة الرسمى!.. لكن يبدو أن هذا القانون الذي سيحل كل أزمات الشعب المصرى من غلاء وفقر ومرض وجهل وأمية وإعلام ليلى قميء!
الرمز الكبير "بنايوتي" وتابعه "يني" !
وليس من المستبعد بعد أن يتم إقرار هذا القانون المعجزة، أن يأتى إلينا من أثينا ومن روما ورثة وأحفاد السادة العظام "بنايوتى" و"ينى" والذين كانت معظم خمارات مصر وحانتها مملوكة لهم قبل يوليو 1952 ليطالبوا بسجن كل من يكتب عنهم بسوء أو ينتقد إفسادهم للشعب المصرى بالخمور الرديئة والبوظة وخلافة، بل وربما طالبوا بوقف عرض الأفلام القديمة التي ذكرتهم بسوء.. عينى على ينى وخمرة ينى.. عينى على مصر ومن يشرع لها!.. أما الراقصات المحترمات المهذبات فلن يستطيع أحدا أن يكتب عنهن لأنهم رموز فنية وسطية مبهرة.. وبهذا تتقدم مصر وتنهى كل مشكلاتها بتجريم الحديث عن الرموز التاريخية.. شيء لله يا رموز!