عبد القادر شهيب
شيء من الامل - طلب السيسي من الشباب
اعتزوا بأنفسكم وبلادكم ودينكم وحتي عرقيتكم،، ولكن ابتعدوا عن الاستعلاء علي الآخرين المختلفين عنكم والذين لا يشاركونكم الوطن والدين والعرق ايضا.
كان هذا هو طلب الرئيس السيسي من الشباب الذين احتضنت مدينة شرم الشيخ الساحرة اول منتدي عالمي لهم،، وهو محق تماما لأن الاستعلاء علي الآخرين يصيب الإنسان بالتعصب الذي يولد بدوره التطرّف خاصة الديني، الذي يخلق لنا وحوشا آدمية تنطلق بيننا تخرب وتدمر وتفجر وتسبب وتغتصب النساء والفتيات وتخطف الأطفال وتقتل وتمثل بجثث القتلي،
لقد خلقنا الله مختلفين في كل شيئ.
لكن الإحساس بالتميز سمة بشريه،، فهناك من يعتز بوطنه وتاريخه العريق وحضارته التي علمت العالم كما نفعل نحن المصريين ولذلك نعتبر بلادنا أم الدنيا،، وهناك من يعتز بدينه،، وهناك ايضا من يعتز بأصله العرقي وكذلك انتماؤه القاري مثلما نعتز نحن المصريين بانتمائنا لقارة افريقيا،، بل لعلنا طوال حياتنا نتسابق نحن البشر فيما بيننا لنحقق التفوق علي الآخر، سواء من الأقران او من غيرهم ونزهو حينما نحرز هذا التفوق،، ومن شارك في جلسة افتتاح المنتدي العالمي للشباب لاحظ كيف كان اعتزاز الشباب المشارك فيه بأوطانهم وبلادهم كبيرا جدا،، فقد كانوا يهللون فرحا كلما ظهرت علي الشاشة التليفزيونية صور أعلام بلادهم،، بل انهم يتسابقون لرفع اجهزة المحمول التي تحمل اسماء وأعلام بلادهم لتنقلها.
وهكذا الاعتزاز بالنفس او بالوطن او بالدِّين او حتي بالعرق ام طبيعي ومقبول، ولعله ايضا امر محمود وطيب لأنه يشجع علي الاجتهاد وإحراز التفوق،، لكن الخطر كل الخطر ان يتحول هذا الاعتزاز إلي ممارسة نوع من الاستعلاء علي الآخرين المختلفين عنا، سواء في اللون او الجنس او العرق او الدين او في الانتماء الاجتماعي والجغرافي او لشعب من الشعوب،، فهذا الاستعلاء هو احد الأعراض للإصابة بمرض التعصب والتطرف الذي يولد لنا العنف والإرهاب،، ولعلنا نتذكر كيف طالب احد كوادر جماعة الإخوان شبابه ألا يتزوجوا من غير فتياتها، وكيف دعا الله ان يحشره في زمرة أعضاء جماعته.
ولذلك اصاب كبد الحقيقة الرئيس السيسي وهو يميز بين الاعتزاز والاستعلاء،، ولأنه يدرك ان مجرد مطالبة الشباب بعدم الاستعلاء علي الآخرين لا تكفي للتخلص منه، فإنه استجاب لدعوة شباب مصري قبل بضعة شهور لإقامة هذا المنتدي العالمي للشباب،، فهذا المنتدي يعد فرصة طيبة للانفتاح علي الاخر المختلف عنهم وتيسير إقامة حوار مشترك مع شباب غير مصري،، وذلك الانفتاح لن يسهل فقط تبادل الخبرات ومد كسور التعاون بينهم، فضلا عن نقل صوره حقيقية وصائبة عن مصر في الخارج،ولكنه قبل ذلك سوف يوفر فهمًا أفضل للآخر، وبالتالي قبولا واحتراما له،،وهو الشرط الأساسي لتحقيق العيش المشترك في مجتمعنا بين جميع المصريين في ظل المواطنة والمساواة،، كما يساعد ذلك ايضا علي التخلص من ذلك الاستعلاء الذي يولد لنا التعصب والتطرف، خاصة التطرّف الديني، الذي يصيبنا بدوره بداء العنف والإرهاب البغيض
وهذه تحديدا الفائدة الأكبر والأهم لهذا المنتدي العالمي للشباب، الذي يستحق من شاركوا في الإعداد والتحضير له وتنظيمه كل التحية.