الجمهورية
فهمى عنبة
كلام بحب - ارفعوا أيديكم عن لبنان !!
** دخل لبنان "دوامة" لا يعلم سوي الله متي سينجو منها.. ولن تنتهي آثارها ولا حالة "الدوخة" واللف والدوران حولها بمجرد عودة رئيس الوزراء سعد الحريري إلي بيروت الذي أراد أن يحدث "صدمة إيجابية" باستقالته التي أعلنها من الرياض فإذا الأمور تزداد تعقيداً ويرتد صداها سلبياً وتأخذ بلاده التي تعتبر أجمل شواطئ البحر المتوسط بعيداً جداً عن بر الأمان!!
للأسف.. كشفت الأيام الأخيرة منذ بث استقالة الحريري علي الهواء عن تصاعد النعرة المذهبية والطائفية في أبشع صورها.. والتي كان شبحها قد تواري ولم يعد اللبنانيون يحلمون به علي الأقل خلال عام بعد انتخاب الرئيس ميشيل عون.
كان المشهد في بيروت يقلق من يحب هذا البلد.. فكل طرف أو طائفة أو حزب لا يجعل لبنان أولاً.. ولكنه يحاول فرض رأيه ووجهة نظره.. ولا يسعي لجمع ورأب الصدع.. أما الدول الخارجية فلا تهتم سوي بمصالحها وبمساندة الطرف الذي يؤيدها.. ودائماً التشكيك في المواقف وتخوين القيادات له الأسبقية.. ولا يوجد من يصدق كلام أحد حتي لو أقسم بأغلظ الإيمان.. مما حير الشارع اللبناني وزاد البلبلة في نفوس المواطنين.. وكانت الأسئلة لا تبحث عن إجابات حقيقية بقدر ما تزيد الارتباك في المشهد.. فلماذا كانت الاستقالة من الخارج.. وهل سيعود الرئيس إلي بيروت كما توقع من أول يوم وزير خارجيته نهاد المشنوق.. أم أنه مجبر ومحتجز كما زعم حسن نصر الله أمين عام حزب الله "والحليف اللدود" في الحكومة.. لدرجة أن الرئيس عون نفسه لم يعد يعرف الحقيقة.. فما بالنا برجل الشارع الذي هو الضحية الحقيقية لكل ما يحدث ويكاد يفقد ثقته في نفسه وفي قادته وفي وطنه!!
** مسكين الشعب اللبناني فرغم انه الأكثر في العالم عشقاً للحياة.. إلا أنه لم ينعم بالاستقرار منذ إعلان استقلاله عام 1943 سوي لشهور متفرقة طوال 74 عاماً.. ومرت به أزمات كانت كفيلة بإنهاء وجوده.. ولكنه يفاجئ العالم باجتيازه لكل الصعاب كلما عاد إلي وحدة الصف.
** في عام 1958 كانت الأزمة الكبري التي راهن فيها الجميع علي انتهاء الدولة اللبنانية خاصة بعد التدخل الأمريكي.. لكن كل شيء انتهي وبقي لبنان وشعبه واحة للعرب.. وأرض المحبة والتسامح ونموذجاً لحرية الصحافة والتعبير.
** في عام 1975 اندلعت شرارة الحرب الأهلية التي استمرت حتي عام 1990.. وخلالها دخلت القوات السورية.. وتم الاجتياح الإسرائيلي لبيروت عام 1982 في سابقة لم تحدث لأي عاصمة عربية.. ومنذ هذا التاريخ احترقت أشجار الأرز.. واختنق صوت فيروز الذي كان يجمع شتات الأمة من المحيط إلي الخليج مثل أم كلثوم.. وتجمدت مياه 16 نهراً كانت تحمل الخير من "الجنوبي" إلي "الليطاني" ومن "الدامور" إلي "العاصي" ومن "قاديشا" إلي "الحاصباني" وتحول لبنان إلي ساحة مباحة من الدول الاقليمية والقوي العظمي لتصفية حساباتها.. وإلي مضمار للسباق بين "الميليشيات" الطائفية والمذهبية.. وإلي مقبرة للقيادات بدأت باغتيال رفيق الحريري رئيس الوزراء عام 2005 ثم لم يتوقف نزيف الدماء وطال سمير القصير وبيير أمين الجميل وجورج حاوي وجبران تويني وغيرهم.
مشوار طويل.. ومأساة مستمرة.. عاشها اللبنانيون في السنوات الأخيرة تغير فيها وجه الوطن.. وتبدلت خلالها التحالفات.. وحتي تركيبة السكان وهويتهم أصبحت شيئاً آخر.. لدرجة أنهم يجدون صعوبة في التعرف علي بعضهم البعض بعد أن كان أهالي كل حي لهم خصائصهم وعاداتهم ومن يدخل بينهم يستطيعون اخراجه.
زادت هجرة اللبنانيين إلي الخارج ووصلت لقرابة 90 ألفاً كل عام.. بينما استوطن أرض الأرز أكثر من 2 مليون لاجئ فلسطيني وسوري وعراقي.. فأي دولة تتحمل كل هذا التجريف المتعمد والممنهج؟!
تشابك العلاقات وتضارب المصالح بين اللاعبين علي الأرض جعل لبنان بلا رئيس لمدة 29 شهراً.. وظل قصر بعبدا شاغراً إلي أن تم التوافق علي الرئيس ميشيل عون في 31 أكتوبر 2016.. وبالكاد مر عام من محاولة جمع شتات الأمة حتي جاءت مفاجأة سعد الحريري التي أطلقها من الرياض بإعلان استقالته من رئاسة الوزراء لتعود كل الاحتمالات ويظل كابوس الفوضي.
دخل لبنان "الدوامة" من جديد.. وعلي الشعب أن يدفع ثمن الانقسامات.. والانشقاقات والتحالفات.. وان يستمر في تحمل تبعات مصالح كل القوي العظمي والاقليمية والمحلية.. ابتداء من الميليشيات الطائفية والمذهبية.. مروراً بتطلعات إيرانية وأطماع تركية.. ووحشية صهيونية.. وعليه أيضا أن يتحمل وزر الخلافات العربية من المحيط إلي الخليج دون استثناء.. وبالطبع عليه أن يرضخ لأوامر "الكبار" أمريكا وروسيا وأوروبا خاصة فرنسا.. وحتي لو فعل اللبناني كل ذلك بنفس راضية فلن يتركوه يعيش كما كان عاشقاً للحياة.
ليعلم الجميع ان مشاكل العالم لن تحل علي أرض لبنان.. وانهاء أزمات سوريا وليبيا واليمن والعراق لن يبدأ من بيروت.. والحصول علي الغاز والبترول وفرض الرأي والهيمنة علي العالم لن يكون علي حساب حرق أشجار الأرز.. والقضاء علي الخلافات العربية يمكن أن يتحقق دون دخول مغارات البحيرة والزحلان وكفرحيم.. فلماذا الاصرار علي تدمير هذا البلد الجميل؟!
ليعلم أبناء لبنان انه لن يخرجهم من هذا المأزق سوي وحدتهم وتماسكهم.. ونبذهم للخلافات بينهم.. وطردهم لكل العملاء والدخلاء من أرضهم.. وعدم السماح بأن تكون مسرحاً للحروب بالوكالة!!
يا كل شعوب الأرض.. ويا كل دول العالم.. ارفعوا أيديكم عن لبنان!!
هل نتابع.. للحفاظ علي حقوق المصريين؟!
** بدأت العديد من الدول في محاربة الإرهاب والفساد.. وخلال اتخاذها لاجراءات وتحقيققات ومصادرات قد يتم توجيه اتهامات لعدد من الشخصيات والشركات التي تستثمر بمصر.. وقد تصدر أحكام ضدهم أو تغلق شركاتهم.. فماذا نحن فاعلون؟!
سؤال مشروع مطروح بقوة هذه الأيام في الأوساط الاقتصادية وأسواق المال بعد بدء التحقيق مع عدد من الأمراء وكبار رجال الأعمال في السعودية لهم مصالح ومشروعات وشركات وبنوك عاملة في مصر.. وكذلك بعد قيام المحققين في فرنسا بمداهمة مقر مجموعة فرنسية للأسمنت بتهمة وجود شبهة تمويل جماعات إرهابية من بينها "داعش" في سوريا.. وهي مجموعة تستحوذ علي حصة مؤثرة في سوق الأسمنت بمصر.
يخشي البعض أن يتم مصادرة أموال الشخصيات أو الشركات مما يضر بالاقتصاد المصري ويؤثر علي السوق وعلي تعاملات البورصة المحلية فهل هناك "سيناريوهات محتملة" وضعتها الجهات المختصة في مصر للحفاظ علي حقوق الدولة أو الشركاء المصريين.. وهل يتضمن قانون الاستثمار الجديد حلولاً لمثل تلك المشاكل.. وهل هناك جهة أو آلية لمتابعة من يستثمرون في بلادنا.. أم نترك أسواقنا عرضة للاهتزاز ولا نحافظ علي حصص الدولة أو الشركاء الوطنيين.. مجرد سؤال؟!
"أورق الجنة" كشفت سوءات "الكبار"!!
** ظهر موقع "سن شاين" الالكتروني علي الإنترنت عام 2006 الذي تحول إلي "ويكليكس" وذاع صيته وأصبح حديث العالم عندما نشر ملايين الوثائق الأمريكية المهمة عن حربي العراق وأفغانستان فيما عرف "بالتسريبات" التي صارت أهم أسلحة الجيل الرابع من الحروب.. وتوابعها تكون أشد من الزلازل وتأثيرها أفتك من القنابل الذرية!!
تطورت "التسريبات" في معظم الدول نتيجة للتقدم الهائل في وسائل الاتصال واستخدامها سواء في التنصت علي الأفراد والفنانين والسياسيين ولاعبي الكرة وكبار المسئولين ومعرفة أسرارهم وبثها علي الهواء.. أو في القرصنة علي مواقع الأجهزة والهيئات السيادية والحصول علي نسخ من المعلومات شديدة السرية وإذاعتها علي الملأ.. مما هدد عروش أنظمة وأمن دول ونال من سمعة شخصيات محبوبة وفضح عشرات من المشاهير.. وتحولت لعبة "التسريبات" إلي مادة شبه يومية تثير الفضول وتهيج الشائعات.. وينتظرها الجميع لأنها أكثر إثارة ومتعة من كرة القدم أو "البوكيمون"!!
رغم معاناة مؤسس "ويكليكس" جوليان أسانج والتحقيق معه وهروبه واستمرار ملاحقته ومحاولته لطلب اللجوء السياسي.. إلا أن اللعبة اجتذبت غيره وانتقلت "حرب المعلومات" من ساحة السياسة إلي الاقتصاد.. ونشر في أبريل 2016 ما عرف باسم "وثائق بنما" التي جعلت 11.5 مليون وثيقة متاحة أمام أي إنسان علي وجه الأرض.. وهي تتناول ما كان يقوم به مكتب الاستشارات وخدمات قانونية لصالح شركات وأفراد ومساعدتهم علي التهرب الضريبي وتبييض الأموال عبر شركات عابرة للقارات وتناولت الوثائق أسماء بعينها لأكثر من 140 شخصية من بينهم ملوك ورؤساء دول ووزراء ومسئولون كبار من كل دول العالم تقريباً.. وكانت النتيجة تنحي عدد ممن حامت حولهم الشبهات وطرد مسئولين آخرين والتحقيق مع اخرين والأهم اغتيال احدي الصحفيات في مالطا كانت تقوم بعمل تحقيقات عن الوثائق وثبت لها ضلوع شخصيات مهمة يبدو أنهم تخلصوا منها علي الفور حتي لا يفتضح أمرهم!!
في يوم 5 نوفمبر الجاري قامت نفس الصحيفة الألمانية "زود دويتش تسايتونج" وهي التي كشفت عن "وثائق بنما" بالتعاون مع الاتحاد الدولي للمحققين الصحفيين "الصحافة الاستقصائية" بتفجير قنبلة جديدة أطلقت عليها "أوراق الجنة" أتاحت من خلالها 13.4 مليون وثيقة تتناول 120 ألف شخص وشركة في 50 دولة يتم توفير ملاذات آمنة لهم في بورمودا وسنغافورة للتهرب من الضرائب المفروضة في بلدانهم.. وهؤلاء من بينهم ملكة لامبراطورية سابقة كان لا يغيب عنها الشمس ووزراء في إدارة الرئيس الأمريكي ترامب وشركات متعددة الجنسيات مهمة وتعمل في كل بقاع الدنيا ومشاهير وفنانون أصبحت سيرتهم علي كل لسان.. ولكن الفرق بين وثائق "بنما والجنة" أن الأولي كانت الاتهامات مباشرة والتهم تعاقب عليها قوانين الدول ولا تتفق مع المواثيق الدولية.. أما الملاذات الآمنة في "بورمودا وأخواتها.. وصلوا إلي 19 ملاذاً".. فيطلق عليها مخالفات أخلاقية تؤدي إلي ازدراء صاحبها لكنها لا توقعه تحت طائلة القانون.. والأهم بالنسبة لمنطقتنا فإن وثائق بنما كانت تتضمن العديد من "الكبار" في مصر والشرق الأوسط.. أما "الجنة" فإن أصحابها أقل كثيراً من حيث العدد والمواقع كما لا يوجد أي مصري بينهم!!
قد لا يتم ملاحقة هؤلاء قانونياً.. ولكن من الناحية الأخلاقية فإن البحث عن طرق لايداع الأموال واستثمارها بالخارج دون سداد حق الدولة يطرح سؤالاً مهما كيف يمكن لملكة أو لرئيس دولة أو لوزير أن يقوم بعمل من شأنه التهرب من سداد ضرائب علي أرباحه وضرب الحائط بقوانين ساهم هو نفسه في وضعها وعليه مراقبة تنفيذها وتطبيقها علي كل المواطنين الأخرين. بينما هو أول من يخرقها.. مما يعني أنه فاسد ويدعو غيره ليحذو حذوه.. ومن هنا ينشأ "لوبي الفساد" برعاية الحاكم أو المسئول الكبير.. ويحقق المثل القائل "إذا كان رب البيت بالدف ضارباً.. فشيمة أهل البيت كلهم الرقص".. وبالطبع لا يدفع حق الدولة "أي دولة" سوي البسطاء و"الغلابة" ومن لا يستطيعون الوصول للمكاتب الدولية في "بنما أو بورمودا" بل إنهم بالتأكيد لا يعرفون موقعها علي الخريطة.. ولم يسمعوا "عن جنة الملاذات الآمنة" التي تتيح لهم تهريب أموالهم.. فهم لا يملكون شيئاً ويعيشون في "نار" ولا يوجد فائض فبالكاد يجدون قوت يومهم!!
كل من يحاول التهرب من حقوق دولته علي مستوي العالم.. عليه أن يستوعب الدرس.. فقد نزعت وثائق الجنة أوراق التوت التي يداري بها سوءاتهم العديد من عظماء الدنيا والساسة والحكام وكبار المسئولين ونجوم المجتمعات وأهل البيزنس.. ولن يستطيعوا أن يغطوا كوارثهم.. وأخطاءهم بعد الآن.. فقد أصبحوا "عراة" أمام أنفسهم قبل أن تنالهم الفضيحة والعار علي كل مواقع التواصل الاجتماعي!!
"باربي".. والايجابية علي مواقع التواصل
** في ديسمبر 2015 تخيلت فتاة نيجيرية مسلمة دمية "باربي" وهي ترتدي الحجاب.. وقامت علي حسابها علي انستجرام بنشر عدة أشكال لـ "العروسة" كما تريدها.. وانتشرت الصور التي صممتها علي الإنترنت واشتهرت الشابة النيجيرية ذات الـ 24 عاماً وقالت إنها تتمني أن تصبح "باربي المحجبة" ملهمة للبنات المسلمات كما كانت تحب هي ذلك في طفولتها!!
منذ أيام أعلنت الشركة الأمريكية التي تقوم بتصنيع "باربي" من مقرها في كاليفورنيا أنها ستطلق نسخة جديدة من عروستها المحببة لأطفال العالم بالحجاب وذلك تكريماً لأول لاعبة أمريكية تشارك في الأوليمبياد مرتدية للحجاب وهي "إبتهاج محمد" ذات الأصول الأفريقية التي فازت بالميدالية البرونزية في المبارزة بالسيف خلال الدورة الأوليمبية بريودي جانيرو بالبرازيل العام الماضي.. وبذلك يتحقق الحلم الذي تخيلته الفتاة النيجيرية ولاقت الاستحسان علي مواقع التواصل علي اعتبار أنها ستقرب بين البنات المسلمات وغيرهن.
توقعت الشركة أن تساهم "باربي المحجبة" في إعادة انتعاش المبيعات بعد طرحها قريباً بالأسواق خاصة وأن "العروسة" الأشهر في العالم تعاني من ركود كبير منذ سنوات!!
ما يهمنا من كل ذلك أن يحاول شبابنا وفتياتنا الابتكار.. والسعي لتغيير مفهوم الآخرين عن الصورة السلبية للعرب والمسلمين.. وأن يقوموا بتطوير منتجات لشركات عالمية بما يتلاءم مع عاداتنا وواقعنا وتقاليدنا وديننا وعرض أفكارهم الجديدة علي مواقع التواصل الاجتماعي والاستفادة منها بصورة ايجابية لعل الشركات الأجنبية تأخذ بمبتكراتهم أو يساهمون في ازالة لبس أو سوء تفاهم واكتساب أصدقاء جدد بدلاً من الاستمرار في دور المتلقي لما يفرض عليهم من ثقافات خارجية!!
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف