علاء عريبى
رؤى - خرابة شيرين عبدالوهاب
الحملة التى مررت عبر الإعلاميين مساء أول أمس ضد المطربة شيرين عبد الوهاب، بسبب تعليق سخيف لها عن مياه النيل، جرتنى إلى الاستمتاع بصوت شيرين منذ طفولتها، منذ ان كانت تغنى، كما ادعوا، فى الخرابة.
بعض الإعلاميين للأسف تم تزويده بأرشيف الفنانة، وقام بنشره بغرض تشويه صورتها، ومعايرتها بأنها ابنة الأحياء الشعبية، وأنها كانت تغنى فى الأفراح الشعبية أو فى الخرابات، وكأنهم ضبطوها فى بيت دعارة، ما هو العيب، وما هى جريمة من نشأ فى الأحياء الشعبية؟، اعتقد أن معظمنا ولد وتربى فى حارات وأزقة القرى والأحياء الشعبية، وأن معظم الإعلاميين الذين عايروها بفقرها وتربيتها فى حى القلعة، هم أنفسهم ولدوا وتربوا فى حارات بعض الأحياء الشعبية، عبد الحليم تربى فى ملجأ، وأم كلثوم فى قرية، وعبد الوهاب فى باب الشعرية، ومحمد فوزى فى دحديرة صبرى بطنطا.
شيرين أخطأت، لكن ليس بالخطأ الذى يشكل جريمة، وأظن أن ما قالته عن تلويث مياه النيل هو حقيقة نعرفها جميعا ونعانى منها ونطالب الحكومات المتعاقبة بتطهير مجراه من مخلفات المصانع، والبواخر العائمة والثابتة، والنباتات الضارة، وإلقاء البعض مخلفات فى مجراه، كما أننا بالفعل لا نشرب مياه النيل سوى بعد معالجتها وتطهيرها.
حسب ما فهمت من الحملة وما كتب وقيل حولها، إن حفلة البلهارسيا كانت منذ عام، وأقيمت فى دولة الإمارات، ونكتة شيرين فى الحفل تنم عن جهلها وليس عن سوء نية وتعمد تشويه مصر أو نيلها أو شعبها كما يردد البعض، المتعارف عليه أن البلهارسيا تعيش فى المياه الراكدة، مثل الترع المغلقة وليس فى المياه المتحركة، وأغلبنا من أبناء الريف أصبنا بالبلهارسيا فى طفولتنا بسبب نزولنا الترع مع الحيوانات.
وأتذكر زمان خلال فترة الستينيات عندما أصبت بالبلهارسيا وكنت فى المرحلة الابتدائية، ذهبت إلى الوحدة الصحية، وكان العلاج بحقن الطراطير، وكانت تحقن فى الوريد، وكانت تخرج من وريد إلى وريد، ومن يحقن يصاب بدوار وكحة وترجيع ولا يقوى على السير، شاهدت منظر التلاميذ الذين تم حقنهم بالطراطير وهم ملقون على الأرض، أصبت بالرعب وانصرفت، وقررت عدم خضوعى للعلاج، واعتقد بعد سنوات بسيطة اخترعوا حبوبا بدلا من الطراطير، وكانت تأخذ حسب الوزن، وأذكر أننى قمت بشراء قرص واحد وأخذت نصفه فقط، وبحمد الله ضاعت البلهارسيا وتبقت الذكرى.
أنصح المطربة شيرين التى استمتعت جدا أمس بسماع صوتها وهى تغنى فى حى القلعة، وفى الخرابة، وفى الأوبرا، وفى الحفلات الكبرى، ألا تغضب الأجهزة، وأن تفتش عن الشخص الذى أغضبته وتحاول أن تسترضيه، يا شيرين لكل منا أرشيفه، وسيأتى اليوم الذى يستدعونه عبر من حملوا عليك، لكن تذكرى أن أرشيف من حاولوا تشويهك أكبر وأسوأ منا بكثير.