الجمهورية
شكرى القاضى
الملك فيصل بن عبدالعزيز
* هو أحد أبرز خدام الحرمين الذين تولوا زمام الأمور في تاريخ المملكة العربية السعودية. وكم كان وجوده علي العرش السعودي يمثل خطراً داهماً علي مخطط حكماء صهيون. فكم كانت بصمته واضحة جلية في سجل الدبلوماسية العربية بامتداد أربعين عاماً وما يزيد تربع خلالها علي عرش السياسة العربية. إبان تلك الفترة التي شهدت بزوغ نجمه السياسي بين فطاحل الرعيل الأول من الساسة العرب أمثال الخوري والجابري والقوتلي وغيرهم. لكنه استمر في خضم الأحداث المعاصرة بعقلية رجل الدين العصري. فقد اتضح ميله مبكراً للسير في طريق الدبلوماسية. عندما كلفه الملك الأب بالزحف علي اليمن الشقيق. فإذا به يغمد سيفه. ويجرد عقله ويفعل الصلح بين الدولتين الشقيقتين. فالحرب لا تجوز بين إخوة وأشقاء..!
وفي منتصف الأربعينيات. وبعد أن وضعت الحرب الثانية أوزارها أوفدته السعودية إلي المؤتمر الدولي في "سان فرانسيسكو" المنوط بوضع ميثاق الأمم المتحدة. حيث استطاعت الوفود العربية بفضل رجاحة عقله وبعد نظره وعذوبة عباراته ونفاذ منطقه أن تحتفظ بكيانها ووحدتها وسمعتها في ذلك المؤتمر العالمي التاريخي. وبالرغم من اختلاف النظم السياسية في العالم. فقد كان العاهل السعودي الحكيم. حريصاً علي الأمن العربي في فترة من أخطر الفترات الزمنية التي مرت بها الأمة العربية والإسلامية في تاريخها المعاصر. وكانت مواقفه شاهداً علي عبقريته السياسية. وتجلي ذلك بوضوح في دعمه المتواصل لتحقيق الوحدة العربية والتضامن العربي وتأييده لموقف مصر بعقد أول صفقة مع الكتلة الشرقية لكسر احتكار السلاح. وفي العام التالي مباشرة أعلن تضامنه مع قرار عبدالناصر بتأميم قناة السويس باعتبار التأميم حقا مشروعا لمصر. كما هاجم سياسة دالاس بسبب موقفه من مسألة تمويل السد العالي.
** كان الملك فيصل يري أن رايات العروبة سوف ترفرف في شتي أنحاء العالم إن آجلاً أو عاجلاً. لأن رغبة الشعوب العربية والإسلامية في تحقيق الوحدة والتضامن أقوي بمراحل من مخططات أعداء الأمة. ودعونا نتوقف أمام مواقفه التاريخية الداعمة لأرض الكنانة خلال الحربين الأخطر في تاريخ العرب الحديث. فها هو الملك فيصل يرفض الهزيمة في حرب المؤامرة عام 1967. ويضع كافة إمكانيات بلاده إلي جانب مصر ودول المواجهة دون أي تحفظات. وفي حرب أكتوبر المجيدة بادر الملك فيصل باستثمار سلاح البترول دفاعاً عن القضية العربية في مواجهة الغرب والولايات المتحدة. وسجل موقفه المشرف بحروف من نور عبر برقيته التاريخية إلي وزير الخارجية الأمريكي ــ الداهية ــ هنري كيسنجر غداة حرب أكتوبر وجاء فيها:
** "إن البركان الهاجع سينفجر. ولن يقتصر تدميره علي المنطقة فحسب. بل سيتعداها إلي حرب عالمية شاملة. إذا لم تردع أمريكا حليفتها إسرائيل"..!
** وعلي الصعيد الوطني استطاع الملك فيصل أن يحقق لشعبه وبلاده معجزة مترامية الأطراف. بعد أن قاد أكبر ثورة اقتصادية واجتماعية في تاريخ المملكة العربية السعودية. فإذا كان الملك الأب قد استطاع أن يحقق الوحدة الوطنية بفرض العدل والأمن في شتي أنحاء المملكة بالجزيرة العربية. فإن الملك فيصل قد ثبت هذه الدولة بقيادته الحكيمة. وسار بها خطوات كبيرة علي طريق التقدم والتطور والعمران.
** آخر الكلام:
ــ عندما تم الإعلان عن قيام المملكة العربية السعودية. يوم الثالث والعشرين من سبتمبر عام 1932. بادر الأمير فيصل حينذاك إلي إنشاء وزارة الشئون الخارجية.. جدير بالذكر أن الأمير الثائر عاش حياة حافلة بالتجارب ومختلف أنواع الممارسات السياسية منذ شروع الملك الأب في تأسيس المملكة عام 1917. حيث أصبح نائباً للملك بمنطقة الحجاز. وهو دون العشرين من عمره. قبل أن يعين رئيساً لمجلس الشوري عام 1927. وبعد اندلاع الثورة المصرية في يوليو 1952 بعام واحد. تمت مبايعته ولياً للعهد إلي جانب توليه وزارتي المالية والخارجية. وفي نفس العام كانت أولي زياراته لمصر الثورة.
ــ تولي الملك فيصل بين عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود مقاليد الحكم في السعودية عام 1964. إبان تلك الفترة التي ترأس خلالها مجلس الوزراء وتزايد فيها نفوذه بشكل ملحوظ. وظل علي العرش بامتداد عشر سنوات. قبل اغتياله علي يد أحد أمراء الأسرة المالكة عن عمر 72 عاماً. يوم الخامس والعشرين من مارس عام 1975. حيث ألمحت العديد من التحليلات السياسية إلي تورط الولايات المتحدة في عملية اغتياله. بسبب مواقفه الرافضة القاطعة للكيان الصهيوني علي أرض فلسطين العربية. وموقفه الصلب في مواجهة أمريكا وكل الدول الداعمة لإسرائيل خلال حرب أكتوبر المجيدة. ومنذ لحظة اغتياله وحتي اليوم. لم تقم للأمة العربية قائمة..!
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف