فرق شاسع بين الرأى والعقيدة. الرأى من الممكن تغييره. العقيدة ثابتة لا تتغير. توجد قناعات راسخة لدى الناس تكاد تتوحد مع الحقائق. رسخ هذا الكلام مفسرون. ينقلون عن مفسرين سبقوهم. والمفسرون نقلوا عن مفسرين عن مفسرين... وهكذا.
فى مقابل ذلك يمكننا أن نتساءل: ما الجديد فى التفسير؟
يجب أن نتفق على عدة نقاط:
القرآن لم يتم تفسيره من قِبل الله تعالى.
لم يحاول محمد، رسول الله، تفسيره.
بينما هناك بشر اجتهدوا وقدموا تفسيرا للقرآن فى عصور مضت. تفسيرا يتناسب مع قدراتهم. فى الفهم وفى الإقناع. الشيخ الشعراوى مثلا. عندما أقدم على ذلك. قال إنها خواطر. من الممكن أن تكون بعد قراءته الأولى أو الثانية أو الرابعة. البعض يأخذ على الشعراوى أنه قال إذا مرضت فتقبل مصيرك. غيّر قناعاته بعد ذلك. سافر بعدها إلى لندن لزرع قرنية.
مع ذلك يجب النظر لمن اجتهد بامتنان واحترام. حاولوا إهداء باقى الناس ما توصلوا إليه. باستخدام عقولهم هم. فى سياق عصرهم هم.
ما ذكرته أنا كان مجرد تأمل بعد قراءة. لم أفسر. لم أدع التفسير. ترجمت ما فهمته مقصودا من الآية. استخدمت عقلى وإحساسى.
مقابل ذلك، إذا نظرنا إلى مهنة مثل الطب. سنجد أنها تتطور يوما بعد يوم. فيها جديد كل ثانية. الطب علم. ليس عقيدة. لو كان عقيدة لكنا مازلنا نستخدم العطارة والوصفات القديمة بحثا عن العلاج. العطارة تطورت إلى صناعة الأدوية. الطب أيضا يتطور كل يوم.
إلى عام 1928 لم يكن أحد اكتشف البنسلين. بعده جاءت أشكال وأنواع من المضادات الحيوية. من يصاب بجرح كان نصيبه الموت. اختلف الأمر الآن. العلم فى تطور مستمر. تفسير الدين أيضاً يحتاج إلى نوع آخر من التطوير. مطلوب التطور الوجدانى ليجارى كل عصر. بينما التفسير كاد يتوقف عن التطور. عالم الدين الذى يشار إليه كمختص مجرد ناقل عن ناقل. بينما طبيب الأمس يختلف عن طبيب اليوم. تدخلت المناظير ووسائل أخرى كثيرة فى العمليات.
من يُجنب العقل ويستعيض عنه بالنقل فقط. أجده نوعا من التكاسل عن القراءة والتفهم. لا يريد أن يبذل جهدا. يريد تفسيرا جاهزا «دليفرى». مثل الوجبات الجاهزة. لا يريدون تحمل مشقة التفكير والسؤال. يلجأون لتفسير حتى لو كان من عصر مضى. اختصارا للمشقة ولسان حالهم يقول: «هات من الآخر».