الأهرام
محمود مراد
أمتنا فى خطر!
أحسب أننا ـ نحن العرب ـ مندفعون ـ لا إراديا وبقوى دفع خبيثة ـ لنخوض مرحلة مصيرية حرجة من فصول تاريخنا ـ وهكذا قدرنا المكتوب ـ مما يحتم علينا ، وجوبا ولزوميا ـ ان نفتح عيوننا على آخرها لكى ترى الخفاء قبل الظاهر. وإذا كنا نتابع المأساة الدامية فى عدد من البلاد العربية، ونشير بالاتهام إلى دول منها ما يوجد داخل الأمة ومنها ما يتربص عند اطرافها فإننا بالتحليل الموضوعى, فإن اصبع الاتهام تشير أيضا إلى دول تتجمل بإدانة الإرهاب وكل أشكال العنف وتدعو للحفاظ على وحدة الدولة وتسوية النزاعات بالحوار السلمي، بينما هى تساعد وتساند الصراعات.. واستكمالا لتوصيف المرحلة الحرجة التى نرى أنها ستكون مفصلية فى التاريخ العربي، فإننا نعيش ونتنفس المشهد ـ شديد الأهمية ـ الذى تجرى وقائعه فى المملكة العربية السعودية وفى لبنان. وأعتقد أن وزير خارجية المملكة سوف يكشف الكثير من الأسرار فى اجتماع مجلس جامعة الدول العربية على مستوى وزراء الخارجية ـ بعد غد ـ فهو اجتماع يتم بناء على طلب السعودية بعد تطورات الأحداث الأخيرة وأبرزها وجود رئيس وزراء لبنان فى عاصمتها وإعلانه الاستقالة فى مؤتمر صحفى وتداعيات هذا الحدث غير المسبوق. وللحقيقة.. فإن حزب الله قد صار عبئا ليس فقط على لبنان وإنما أيضا على الأمة العربية. إذ ليس معقولا ـ بالنسبة له أو لغيره ـ ان يكون الحزب السياسى دولة داخل الدولة، له جيش مسلح ودائرة اتصالات تليفونية وشبكة مراقبة بالكاميرات فى المطار والمناطق المهمة.. خاصة به! وليس معقولا أن يكون تابعا لدولة أجنبية يتلقى منها الدعم والتمويل وتعليمات ماذا يفعل ومتى يسكت؟

وإذا كان المبرر هو الانتماء إلى مذهب دينى واحد.. فإن هذا أمرا غير دينى وغير منطقي.. فإننا نحن المسلمين المؤمنين بالاسلام الصحيح لا نفرق بين مذهب وآخر. ولقد عقدت ـ كاتب هذه السطور ـ ندوة فى الأهرام منذ نحو خمسة عشر عاما ـ للتقريب بين المذاهب وتحديدا بين السنة و الشيعة شارك فيها من المذهب السني: الإمام الأكبر شيخ الأزهر ـ وقتها ـ فضيلة الدكتور الشيخ محمد سيد طنطاوى ووزير الأوقاف ـ حينئذ ـ الدكتور محمود حمدى زقزوق ومجموعة من العلماء الأجلاء، ومن المذهب الشيعى ثلاثة من آيات الله كانوا قد جاءوا من إيران للمشاركة فى المؤتمر الاسلامى بمناسبة مولد الرسول عليه الصلاة والسلام، وسفير إيران وقتها وكان آية الله وعدد من قيادات الشيعة من إيران ولبنان وسلطنة عمان. وفى المحصلة أجمع المشاركون على أنه لا توجد فوارق جوهرية بين المذهبين وان إثارة المشكلات والنعرات تكون دائما لأغراض سياسية، وأكثر من هذا قال آيات الله إن شيخ الأزهر وعلماءه هم المرجعية الاسلامية العليا لأى خلافات تنشأ ووافقوا على اقتراح بإنشاء مركز خاص يتبع الامام الأكبر ليكون هو المرجعية العليا. أعود إلى السعودية.. وأقول.. لابد أنها ستعرض أمورا مهمة فى اجتماع وزراء الخارجية العرب بعد غد. وأنه يجب ان تعالج هى الموقف بحكمة، وينبغى على الدول العربية ان تتعامل مع هذا المشهد الراهن وأحداثه المهمة بعقلانية وذكاء ونحتشد حماية لها ولدول الخليج ولبنان فى اطار الأمن القومى العربى ومتطلباته.. دفاعا عن كل بلد عربي.. بل كل مواطن عربي.. بل عن العروبة نفسها التى هى نكرر ـ قلب العالم الاسلامي.. ونحميها من الطامعين.. ولا أعرف هل هو أمر متعمد أم مصادفة.. ان تحدث هذه الأزمة فى شهر نوفمبر الذى كانت بدايته فى اليوم الثانى منه: ذكرى مئوية وعد بلفور واحتفال لندن بها دون رد مناسب منا (!!) وكان منتصفه فى اليوم الثالث عشر ذكرى مرور مائة سنة على اتفاقية سايكس بيكو ـ لتقسيم الأمة العربية.. والتى ستجىء بعدها باثنى عشر يوماً ذكرى قرار الأمم المتحدة بتقسيم فلسطين وإقامة دولة لليهود الصهاينة..

> ومن منبر الأهرام العالي.. أهتف صارخا: واعروبتاه.. إن أمتنا فى خطر!.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف