بالنظر إلي حال غالبية الشباب، وخاصة شباب الجامعات الحكومية، والذي لا يتماشي مع ما توليهه الدولة وعلي رأسها النظام من إهتمام كبير بالشباب، للدرجة التي قيل بأنه عام الشباب، وتنظيم الكثير من المؤتمرات والمنتديات، والكلام من خلالها عن شبابنا الناجح والمثقف والمبتكر، وغيرها من الكلام المفرط في المديح، لزوم المنصات والرسميات، إذا ما نحينا جانباً مجموعة الشباب المفروز بدقة والذي يظهر في تلك المؤتمرات، أؤلئك الشباب الذي يرتدون أحدث الموديلات، وتبدو عليهم الأناقة، ويتحدثون بلباقة ويجيدون اللغات، علي النقيض مما نراه في بعض شباب الجامعات الحكومية، من ملابس ممزقة، وهيئة فيها من الإهمال وعدم التناسق، ناهيك عن اللغة التي يتحدثون بها والتي يغلب عليها لغة الحواري والسوقية، والألفاظ البذيئة والتلميحات المسيئة يتبادلونها علي سبيل الهزار، وصياح وضجيج وغوغائة وإستعراض بلا داع، ودون كنترول، والإفتقار لأدني درجات التهذيب عند التعامل مع الاكبر سناً أو حتي أساتذتهم.
منذ ثورة يناير، وتصدر الشباب للمشهد، قامت بعض الجهات ومسئولي بعض المؤسسات خاصة المنوط بها تقويم وتعليم هؤلاء الشباب، فهموا إستراتيجية النظام في التعامل مع الشباب، وحتي يكون عام الشباب، أصبحوا ملكيين أكثر من الملك نفسه، وحتي يبعدونهم عن الإنضمام لتيارات متشددة، أو متطرفة، تملقوا الشباب، وكما يقولون "تركوا لهم الحبل علي الغارب"، وتهاونوا في تهور وإنفلات بعضهم، او ردع ومعاقبة المخطأ منهم، للدرجة التي جعلتني أري مشهداً هليوودي لا نراه إلا في أفلام الأكشن وبطلها زاكي شان، عندما دار حوار بين عدد من طلاب إحدي الجامعات الحكومية، حاولوا الدخول عنوة، وعندما منعهم امن الجامعة، قاموا بالقفز علي السور الحديدي، ودخلوا في عراك طاحن بالكراسي وضرباً في الأمن والذي بدوره قام بالدفاع عن نفسه وكانت معركة كبيرة، عنوانها "الإنفلات السلوكي والأخلاقي وتجرؤ في غير محله وبلطجة من طلاب، فهموا إهتمام الدولة بهم بصورة خاطئة، حيث ركزوا علي مالهم من حقوق، ونسوا ان عليهم واجبات، أقلها إحترام الكبير، ومساعدة الآخرين علي القيام بدورهم في حفظ النظام والأمن.
بصورة أصبحت واضحة غاب دور الأسرة، أو الجامعة في تربية وتقويم سلوكيات هؤلاء الشباب، للدرجة التي ركزت بعض الجامعات علي بعض الأنشطة، الترفيهية منها والتي يغلب عليها الغناء والرقص والميوعة والدلع، بصورة مبالغ فيها، فسمعنا منذ أيام عن تنظيم إحدي الجامعات لحفل قامت فنانة معروفة بإحياءه بالغناء وهي ترتدي "شورت ساخن"، وأهملت الجامعات الأنشطة الثقافية والأدبية والندوات الشعرية، والمسابقات في المجالات العلمية، والتي كانت تثري معلومات الطلاب، وتهذب أخلاقهم، هذا إضافة إلي التهاون الكبير في حضور الطلاب للمحاضرات، والتي في بعض الحالات تصل للفوضي والعبث، وتدعو للإستغراب، عندما نسأل كيف ينجح هؤلاء الطلاب الذين شعارهم اللامبالاة؟.