تصريحات الرئيس عبد الفتاح السيسي الأسبوع الماضي لقناة »NB» الأمريكية كانت صادمة! ودرجة الوضوح والصراحة في التعبير عن السؤال المتعلق بتعديل الدستور كانت مفاجئة وقاطعة إلي حد لم يكن أحد يتوقعه.
لم تكن هناك مراوغة حتي يلتبس علينا المعني، ونقول إن الرئيس لم يقصد.. ولم تكن إجاباته غامضة حتي يحاول البعض تأويلها علي النحو الذي يريده.. بل كانت واضحة، وقاطعة، وصادمة بكل معاني الكلمة.. أعلن الرئيس أنه لا نية لتعديل المواد الدستورية المتعلقة بمدة الرئيس، أو بعدد سنوات المدة.. وأغلق الرئيس بهذا التصريح باباً كان واسعاً للجدل، وللاختلاف، وللمزايدات..
تصريحات الرئيس السيسي كانت صادمة لكل من ظن أن مصر لم تتغير ولم تتقدم أو يريدونها كما كانت غير قادرة علي التقدم خطوة إلي الأمام.. شعار "الدفاتر دفاترنا والحساب حسابنا" ومن ثم نستطيع أن نغير فيه ما نشاء، وأن نعدل فيه ما نريد لا يتماشي مع مفهوم مصر الجديدة القائمة علي الدستور، الذي يعمل بمثابة العقد الاجتماعي بين أطراف الدولة، وجميع الأطراف تحترم التزاماتها وتعاقداتها وفق هذا الدستور.. الرئيس السيسي وهو أعلي سلطة في البلاد أظهر بالفعل لا بالقول احترامه للدستور، والتزامه بنصوص التعاقد، والآن جاء الدور علي بقية الأطراف أن يفوا بالتزاماتهم.. الجميع يطالب بالحقوق ويحرص عليها، ولا أحد يتحدث عن الالتزامات والواجبات.. تصريحات الرئيس كانت صادمة ومفاجئة لكل الذين يسعون وراء حقوقهم، ولا يهتمون بواجباتهم.. الدور عليكم أيها السادة..
تصريحات الرئيس كانت صادمة لكل المزايدين علي الرئيس أو للمتحدثين بلسانه.. الرئيس السيسي لا يتحدث أحد بلسانه، وليس هناك من هو محسوب عليه.. المصلحة العليا للوطن هي هدفه الأساسي وليست المصلحة الشخصية.. قراءة سريعة في عدد من القرارات الصعبة التي اتخذها في الأربعة سنوات الماضية تشير إلي أنه لا تهمه مصلحته الشخصية.. بل ويضحي بها من أجل الصالح العام.. قرار الرفع الجزئي للدعم عن الوقود وعن بعض السلع، ضحي فيها ببعض رصيده من الشعبية.. قرارات الإصلاح الاقتصادي وتعويم الجنيه ضحي فيها بالبعض الآخر من هذا الرصيد.. كل شيء عدا مصلحة الوطن يمكن التضحية بها، ويمكن التنازل عنها..
تصريحات الرئيس السيسي كانت صادمة لكل الذين يتحدثون عن نظرية المؤامرة، وعن السيناريوهات التي يتم تدبيرها بليلٍ وفي الخفاء لإدارة هذه الدولة العتيقة.. هناك من يقضي أناء النيل وأطراف النهار في وضع قصص وتصورات لخطط تقوم بها الحكومة والدولة للتحايل علي المواطنين وللنصب عليهم لتحقيق أهداف خاصة بها، وكأنها حكومة مستوردة أو حكومة غازية تحاول الاستيلاء علي أموال المواطنين، وتحاول تسخيرهم لحكمتهم.. الرئيس السيسي كان واضحاً وصريحاً.. لا توجد مؤامرات، ولا خطط، ولا تدابير للانقلاب علي الدستور أو لتعديل ما يخص الرئيس السيسي فيه..
تصريحات الرئيس السيسي كانت صادمة لبعض المسئولين عن التشريع وسن القوانين في بلادنا، والذين تركوا القوانين والتشريعات التي تحتاج إليها البلاد، وفي أمس الحاجة لإقرارها أو للتفكير فيها، وتفرغوا للتفكير في مواد الرئيس في الدستور.. الرئيس ريح الناس وريحهم من هذه الاشتغالة.. تفرغوا من فضلكم لبقية القوانين المطلوبة.. لا تقلبوا وجوهكم في مواد الرئاسة في الدستور، ولووا وجوهكم نحو المواطنين وكيفية التسيير عليهم في حياتهم..
تصريحات الرئيس السيسي كانت صدمة ومصيبة لكل الباحثين عن اللعب في الظلام، وكانت برداً وسلاماً علي المواطنين الذين قدروا هذه التصريحات، وعرفوا أنهم علي حق حينما كلفوا السيسي رئيساً وائتمنوه علي بلادهم.