المساء
عبد المنعم السلمونى
حروف متحركة - الأرض "غرفة" صغيرة ..!!
منذ ظهور الإنسان علي سطح الأرض وهو في صراع مع الزمن .. يبحث عن السرعة وعما ينجز له أعماله في أقصر وقت ممكن!
كان أجدادنا الأوّلون يجرون علي أقدامهم مسافات ومسافات لصيد الطرائد والفرائس. وربما ينال منهم الإرهاق والتعب دون أن يتمكنوا من الوصول إلي مبتغاهم!
وكانوا يقذفون الفرائس بالرماح أو بما لديهم من أسلحة بدائية. قد تصيب أو لا تصيب!
وبما يملكون من قدرة ذهنية أخذوا يفكرون في كيفية التغلب علي هذه المشكلة» مشكلة المسافة والزمن .. أي كيف يقطعون المسافة بينهم وبين صيدهم في أقل زمن ممكن .. وكيف تصل أسلحتهم لتصيب الفريسة أو الصيد الذي يطاردونه قبل أن يتمكن من الفرار!
وبعد محاولات عديدة ومتعثرة تمكنوا من اختراع السهام واستطاعوا ترويض الحيوانات السريعة للوصول إلي أهدافهم. فالسهام أسرع كثيرا مما يقذفونه بأيديهم المجردة. والحيوانات السريعة. كالخيول وغيرها يمكنها قطع مسافات أطول في زمن أقل.
ومع الهجرات البشرية والسعي للبحث عن أماكن أفضل للعيش. زادت الحاجة إلي السرعة. أراد المهاجرون أو الساعون للعمل في أماكن بعيدة قطع المسافات بسرعة أكبر. بعد ان أصبحت الخيول لا تلبي تطلعات الإنسان لقطع مسافات أطول أو للتواصل مع أهله وعائلته في الوطن الأم.
ظهرت السفن والقطارات والسيارات والطائرات وغيرها من وسائل النقل والمواصلات. التي وفرت الوقت والجهد. في التنقل وتبادل الرسائل بين الناس.
لم يقنع الإنسان بذلك. وبدأ يفكر في وسائل أكثر سرعة. وزادت طموحاته ليتطلع إلي التجول علي ظهر الكوكب. من مشرقه إلي مغربه. ومن شماله إلي جنوبه في وقت أقل. حتي جاءت فترة قيل فيها إن الأرض تحولت إلي قرية صغيرة. تعبيرا عن السرعة التي وصل إليها الإنسان في قطع المسافات ونقل الرسائل والبضائع من أقصي الأرض إلي أقصاها!
الآن. في عصر الإنترنت. يمكن القول بأن المسافات اختفت والزمن تواري. وأصبح كل شيء يتم في التو واللحظة. يمكنك مشاهدة ما يحدث في أبعد نقطة علي سطح الأرض في نفس توقيت حدوثه. واستطاع التجار ورجال الأعمال والشركات يعقدون الصفقات وكل منهم جالس علي مقعده الوثير في موطنه. دون الحاجة إلي السفر والانتقال للآخر.
الآن أصبح بإمكاننا التحدث في الهاتف بالصوت والصورة. نري من نتحدث معه ونشاهد انفعالاته وردود أفعاله غير المنطوقة علي ملامح وجهه ونتفاعل معها. إيجابا وسلبا. في التو واللحظة. دون حاجة للانتقال إليه في مكان وجوده. سواء أكانت المسافة بيننا وبينه قريبة أو بعيدة.
ومع كل هذا. لم يعد البشر قانعين بوسائل النقل والمواصلات المتوفرة لديهم. ويبحثون عن الأسرع والأسرع .. وتشهد صناعة القطارات والطائرات طفرات هائلة. يوما بعد آخر. بعد القطار الذي كان يسير بالفحم. رأينا ذلك الذي يسير بالديزل. ثم القطار الطلقة أو القطار المغناطيسي. أو القطار الطائر. او القطار فائق السرعة. الذي يسير بالكهرباء.وتصل سرعته إلي أكثر من 400 كيلومتر في الساعة.
ومع تعطش البشر للسرعة. جاء اختراع الطائرة ليغير مفاهيم السفر والانتقال والسرعة. فبعد المحاولات المتعثرة من الأخوين رايت في التحليق بالطائرة لأول مرة في التاريخ. أصبحنا اليوم نسمع عن الطائرات الأسرع من الصوت والتي تقطع الكرة الأرضية من أي ناحية علي الأرض للناحية المقابلة لها. علي الوجه الآخر من الكوكب. في ساعات.
الآن أعلنت إحدي شركات السياحة الفضائية في أمريكا إضافة رحلات طيران فائقة السرعة إلي قائمة رحلاتها. مع تخفيض زمن الرحلة. من بوسطن بالولايات المتحدة إلي العاصمة الصينية بكين أو للعاصمة الأسترالية سيدني. بدرجة كبيرة جدا.
ويقول رئيس شركة فيرجين جالاكتيك. التي تتبني المشروع. إن مركبتها ستكون أسرع كثيرا من الطائرة الكونكورد. التي تصل سرعتها إلي ضعف سرعة الصوت. مشيرا إلي أن السرعة التي ستتم بها رحلاتها تتراوح من ثلاثة أمثال إلي خمسة أمثال سرعة الصوت. وبالتالي ستنخفض كثيرا مدة هذه الرحلات. وأنها ستبدأ الرحلات بعد إتمام الاستعدادات وتوفير الأمان الكامل لها.
ولا ندري إلام يصل طموح الإنسان في تحديه للمسافة والزمن. لقد اقتربنا من القول بأن الأرض أصبحت غرفة صغيرة. بعد أن كانت قرية صغيرة!
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف