في إذاعة البرنامج الثاني الكويتية سألتني المذيعة إيمان مبارك بينما كنت أحل ضيفاً علي وزارة الاعلام في الاحتفالات بالذكري الخامسة والخمسين لاقرار الدستور الكويتي: ما انطباعك عن الكويت باعتبارها أول دولة خليجية يتم فيها إقرار دستور دائم مضي من عمره خمسة وخمسون عاماًحتي الآن؟
قلت لها: دستور الكويت الدائم الصادر عام 1962 وبموجبه تم انتخاب أول مجلس نيابي في البلاد وهو مجلس الامة، أتصور أن الاساس في وجوده ـ سواء الدستور أو المجلس ـ هي الديوانية الكويتية.
وضربت لها مثلا لما أتصوره عندما قلت إننا الوفد الصحفي الذي ضم معي من مصر الزميلة ولاء نعمة الله من صحيفة الوطن واثنين من صحفيي الاردن وآخريْن من لبنان كنا في زيارة طبقاً للجدول الذي أعدته وزارة الاعلام لديوانية الروضان، بمجرد وصولنا قرأنا أعلي بابها : تم إعادة ترميم الديوانية عام 1893، للوهلة الأولي تصورنا أن هناك خطأ ما في كتابة تاريخ الترميم ولكننا وبسرعة أدركنا أنه ليس هناك أي خطأ حتي نأتي نحن مصادفة لنكتشفه وهو بالفعل ما أكده لنا صاحب الديوانية مشيراً إلي أنها من أقدم ديوانيات الكويت ويصل عمرها الي 165 عاماً.
داخل الديوانية كان هناك رئيس مجلس الأمة مرزوق علي الغانم الذي طرد المندوب الاسرائيلي الشهر الماضي خلال اجتماع في جنيف.
كان هناك أيضاً وزراء ووكلاء وزارة في مختلف قطاعات الدولة، كان هناك رجال اعمال ومواطنون بسطاء وعاديون ووزراء سابقون وتوليفة من كل أطياف المجتمع.
في هذه الديوانيات ـ كما قص علينا صاحبها عميد أسرة الروضان وهو العم الكبير، كما ينادونه روضان الروضان »بوطلال»‬ ـ مواعيد محددة يومياً بالاضافة الي جلسة اسبوعية.
وللمرأة ايضاً قاعة مخصصة إن أردن الحضور، يجتمع الكل منهم صاحب المشكلة ومن بيده الحل، ومنهم صاحب الرأي الذي لا حجر عليه في إبداء رأيه الموضوعي والمنزه عن الغرض ولا يبتغي به غير الصالح العام.. وكان من الحاضرين الذين رحبوا بنا وزير التجارة والشباب خالد ناصر الروضان.
هذه الديوانيات المنتشرة في بيت كبير كل عائلة ينفق صاحبها علي روادها من جيبه الخاص ولا يسمح لغيره بالمساهمة مهما كانت، منها الاشهر والاقدم الجاذب للمسئولين وعلية القوم وبسطائهم، ومنها المحدود الذي يجتمع فيه أهل الحي أو أفراد العائلة ليتدارسو أحوال الكويت التي لها انعكاسات علي أحوالهم.. منها يخرج المسئول بانطباعات جادة عن مشاكل الناس وما (ينغص) عليهم أمورهم المعيشية سواء كانت فردية أو جماعية، ومنها أيضاً يعرف الايجابيات التي يصادفها الناس في تعاملاتهم الحكومية ويعمل علي تفعيلها والوصول الي أفضل أداء ممكن.
في الديوانية يجلس الوزير بجوار الخفير والغني بجوار الفقير وصاحب القرار إلي من في حاجة إلي قرار.
وإذا كان مجلس الأمة يضم اعضاء منتخبين عن الشعب الذي يسمح لأفراده بحضور جلساته دون المشاركة في المناقشات فإن الديوانية تفتح ايضاً أبوابها للجميع والكل يشارك ويتفاعل، ويكفي دورها في انتخابات مجلس الامة فهي السبيل الوحيد الذي يساهم في نجاح المرشح أو يؤدي إلي اخفاقه.
سألتني المذيعة أيضاً عن رؤيتي لحقوق المرأة الكويتية، أكدت لها أنها تنعم بالكثير من هذه الحريات بناء علي ما لمسته خلال زيارات ثلاث للكويت علي مدي 25 عاماً وأشرت إلي ثلاث مندوبات من وزارة الاعلام تم تكليفهن بمرافقة وفدنا الصحفي بأفراده الستة وقائدة الفريق عنود السعيد فهن يقُدن سياراتهن الخاصة في تنفيذ برنامج الزيارة وهن يتولين الترتيب مع كل الجهات التي زرناها بتخطيط متقن وحرفية في التنفيذ.
ذكرت ملاحظتي هذه لفيصل المتلقم الوكيل المساعد للإعلام الخارجي بوزارة الاعلام وهو من الاعلاميين الذين يقدمون نموذجاً رائعاً للاعلام الكويتي بثقافته العالية ومهاراته في ادارة الحوار مع ستة صحفيين من مدارس مختلفة وكان رده عليّ: معك حق، الديوانية هي اساس الديمقراطية في الكويت.