الجمهورية
صلاح الحفناوى
التربية والتعليم.. وسنة الاختيار!
علي الرغم من أن الحديث عن التربية والتعليم وعن قرارات التطوير والتحديث التي خرج بها علينا معالي الوزير.. لا يختلف كثيرا عن الآذان في مالطة.. ولا يزيد علي كونه تسلية طريفة لا تضحك العاملين في الوزراة ولا تسليهم.. إلا اننا سنواصل احاديث التسالي واضاعة الوقت.. إلي أن يشملنا الله سبحانه وتعالي برعايته وينقذنا من الكوارث التربوية التعليمة التطويرية التي سيدفع ثمنها اولياء الامور والتي ستحول حياة ابنائنا في المرحلة الثانوية الي جحيم مقيم يستمر ثلاث سنوات بالتمام والكمال.
قصتنا اليوم هي قصة فتاة متفوقة في جميع مراحل التعليم.. لم تحصل في اي من سنوات الدراسة منذ المرحلة الابتدائية وحتي نهاية الاعدادية علي مجموع درجات يقل عن 97 بالمائة وسطيا.. دخلت هذه الطالبة المتفوقة المرحلة الثانوية.. وفي الصف الاول كان عليها ان تدرس مواد ادبية ومواد علمية ومواد رياضية بالاضافة الي اللغات.. ولان هذه الطالبة كانت تتمتع بعقلية علمية فقد وجدت صعوبة في استيعاب المواد الادبية كالفلسفة وعلم النفس.. وعانت كثيرا حتي حصلت في المواد الادبية علي درجات النجاح لا تزيد ولا تنقص.. وهكذا وجدت الطالبة المتفوقة نفسها امام حالة غير مسبوقة في حياتها الدراسية: الحصول في مواد علي درجة النجاح الأمر الذي أثر بالسلب علي المجموع العام لتجد نفسها لاول مرة في حياتها الدراسية تحصل علي 89 بالمائة مع احتمال ان تكون قد حصلت علي درجات رأفة في المواد الادبية.
في نظامنا التعليمي العام يعتبر الصف الأول الثانوي سنة اختيار.. أي سنة دراسية تهدف مساعدة الطالب علي تحديد ميوله واتجاهاته.. ومن ثم تساعده علي اختيار الشعبة التي سيكمل فيها دراسته.. الأدبي أو العلمي علوم أو العلمي رياضيات.. وهي بهذا القياس تعد السنة الأصعب والأكثر تعقيدا في المرحلة الثانوية بتمامها.. والمواد التي يدرسها الطالب في هذه السنة لا رابط بينها.. فمن الفلسفة الي الجبر الي الاحياء الي علم النفس الي الهندسة.. الي اخر هذه المنظومة المتخلفة من المناهج الدراسية.. التي كما قلنا من قبل الهدف منها هو مساعدة الطالب علي اختيار مساره التعليمي في السنوات التالية.
هذه الحقيقة الصادمة التي ربما لا يعرف خبراء التطوير عنها شيئا.. أو يعرفون ويتجاهلون نتائجها.. تدفعنا إلي التساؤل: علي أي أساس ستدخل سنة الاختيار بما تحتويه من مناهج قد لا تناسب قدرة الطالب أو ميوله أو رغباته أو استعداده العقلي للاستيعاب.. في المجموع التراكمي للثانوية العامة؟.. وهل سيتحمل الطالب ذو الميول الأدبية مثلا.. نتيجة الزامه بدراسة مواد لا يحبها أو يستوعبها عقله أو لا تتناسب مع ميوله ورغباته.. وماذا لو حصل علي درجات متدنية في المواد العلمية التي لا يستوعبها علي حساب المواد الأدبية التي يبرع فيها؟.. هل سيؤثر ذلك علي مجموعه التراكمي ويحرمه من الدخول إلي الكلية التي يحبها عبر مكتب التنسيق؟.
وما ينطبق علي الطالب ذي الميول الأدبية.. ينطبق علي الطالب ذي الميول العلمية.. بل علي الطالب الذي يفضل الرياضيات او ذلك الذي يفضل العلوم ويبرع في الأحياء.. فكيف سيواجه خبراء التطوير التعليمي الكارثي هذه المعضلة؟ وكيف سيتعاملون مع ميول الطلاب ورغباتهم في سنة الاختيار او الصف الاول الثانوي؟.. سؤال لا نتوقع الإجابة عليه.. لأن خبراء التطوير مشغولون بخططهم التطويرية الكارثية.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف