ضربنا بها المثل للدلالة علي أهل الكسل. وما أصابهم من فشل في الدراسة والعمل. وأمثال أخري منها خيبة الأمل التي جاءت علي ظهر الجمل.
ولا بأس أن نمر علي أكبر أوعية الكيل. ولا ننسي تلك الحبة السحرية. والحاكم الذي نسبت إليه. والحوار الذي دار بين الصبي الصغير وتاجر الدقهلية.
ولمن كان في عجلة من أمره. فإن الويبة أكبر أوعية الكيل. تقدر بكيلتين في الجويد توارت عن الأنظار بمرور الأيام والأعوام وبقيت الكيلة. وتقسم إلي "ربعين" أو علي الأرجح نصفين. وأربعة ربعات وثمانية أقداح.
والكيلة هي واحدة الكيل. والكيل أو الكيالة حرفة الكيال.. وفي الأمثال العربية "أحشفاً. وسوء كيلة" أي بلح رديء. وتطفيف في الكيل. أي نقص وخداع.
ويضرب في اجتماع أمرين كلاهما سيئ وكاله: أي باع له. والتالي: اشتري منه وطفح الكيل: أي زاد الأمر عن حده وخيبة بالويبة: أي كبيرة أو مضاعفة يعرفها القاصي والداني "القريب والبعيد".
ومثل آخر يحمل نفس المعني يقول: "خيبة الأمل راكبة جمل" أي كبيرة ثقيلة. لم تأت سيراً علي الأقدام أو ظهر حمار. بل جاءت علي جمل "والجمل بما حمل".
وردت بعض أوعية الكيل في القرآن الكريم ومنها الصاع في سورة يوسف.
كما وردت في نداء البائعين علي بضائعهم ومنها:
حب العزيز الربعة بقرش
حلو ولذيذ الربعة بقرش.
كما وردت في أغاني الأفراح في الوجه البحري:
أحلي ليالي الفرح
لا ملا وأكيل بالقدح
وهي صورة بيانية فائقة الجمال.
وجمع الويبة: ويبات وتقدر بـ 22 ــ 24 مداً من الحبوب. والمد ملء الكفين والأردب: ست ويبات.
ومن معاني الويبة في اللغة العربية: المصيبة والفضيحة. تضاف إلي الخيبة والخسارة.
وصوم رمضان معلق بين السماء والأرض. لا يرتفع إلا بزكاة الفطر. وهي صاع من قمح أو تمر أو زبيب عن كل فرد في الأسرة.
وأجازت دار الإفتاء إخراجها مالاً أي نقداً.
والصاع: سدس الكيلة تقريباً. أكثر قليلاً من القدح.
وكلمة ويب في اللغة العربية: أداة تعجب ــ ويبا لهذا الأمر. أي عجباً له.
وتقال أيضاً: ويبك أو ويب لك.
كان حب العزيز من أشهر السلع التي تباع في الموالد والأسواق. ينسب إلي الخليفة الفاطمي نزار أبومنصور ولقبه العزيز بالله. ثاني الخلفاء بمصر. 365 ــ 386هـ. 976 ــ 996. جاء بعد المعز لدين الله وقبل الحاكم بأمر الله.
كان مغرماً بأكل هذه الحبة الغنية والبحث عنها علي مدار العام كما اهتم بزراعتها. وإذا عرف السبب بطل العجب.. ولقب عزيز مصر عرف في مصر القديمة. كان يعني الوزير الأول أو رئيس الوزراء.
وفي قصة يوسف عليه السلام "في القرآن الكريم" راودت امرأة العزيز يوسف الصديق عن نفسها فاستعصم. وجري نحو الباب. وجرت خلفه وكانت المفاجأة الكبري وجود زوجها "عزيز مصر" ومعه نفر من مساعديه. قال كلمة حق وشهادة صدق.. إن كان قميص يوسف تمزق من الأمام صدقت. وإن كان من الخلف كذبت. وظهرت براءة الفتي العفيف الشريف الذي آتاه الله شطر الجمال. قيل إن اسم عزيز مصر المذكور هو بوتيفار بن روحيب. وزير الملك امنحوتب الثالث "إخناتون" أول من نادي بالتوحيد.
حمل نفس اللقب محمد علي باشا. مؤسس مصر المدينة 1805 ــ 1848 مع ألقاب أخري منها الوالي والخديوي وولي النعم. اسمه بالكامل: محمد علي المسعود بن إبراهيم أغا "القوللي" نسبة إلي مدينته قولة باليونان. وكان يعمل في تجارة الدخان قبل انخراطه في سلك الجندية بالجيش العثماني.
يسمي حب العزيز أيضاً. حب الزلم ولوز الأرض وسعد السلطان وحب الشيخ. درنات صغيرة وحبات مستديرة أكبر من الحمص وأصغر من البندق تنمو تحت الأرض شجيرة صغيرة أوراقها بين الأبيض والرمادي. وتميل فروعه نحو اللون الأحمر. ثماره لينة. لزجة. حلو المذاق. تؤكل طازجة. وجافة ومطحونة. أو زيت أو شراب يضيف إليها البعض حبة البركة والعسل والجنزبيل في الأغراض الطبية.
تتكون الثمرة من 30% زيت و28% مواد نشوية وسكرية وبروتين وفيتامينات وأملاح معدنية. من مضادات الأكسدة. عظيمة الفائدة للإنسان السليم والمريض.
تحدث قدماء المصريين عن فوائده وعلاجه لمرضي الاسكارس. وعثر عليه الأثريون في جبانة البداري بأسيوط ودير أبوالنجا وحول رقبة مومياء الأمير كنف.
قال عنه أبي سينا "الطبيب الفيلسوف 370 ــ 427هـ. 980 ــ 1037م: إنه طيب الطعم جداً. يسمن الجسم ويحسنه ويزيد المني. كما تحدث عنه داود الأنطاقي "ت/ 1008هـ ــ 1599م" في تذكرته "تذكرة أولي الألباب" 3 أجزاء. ذكر فوائده الكثيرة ومنها علاج الكلي. وعقم الرجال.
اطلق عليه العرب بعد فتح مصر 21هـ. 641م اسم حب الزلم وهي كلمة تستخدم حتي الآن في بلاد الشام وتعني الرجل القوي. وقيل إنها كلمة هيروغليفية مصرية قديمة "زلمو".
كشفت الدراسات الحديثة عن المزيد من فوائد حب العزيز. منها: علاج الصداع. وظائف الكبد. والكلي. مهديء للأعصاب ومنشط للذاكرة. يعالج بعض حالات العقم عند الرجال. ويزيد اللبن في صدر المرضعات. يزرع في مصر وشمال أفريقيا وغرب آسيا وهو في البحر المتوسط.
طلب الأب من ابنه وعاء الكيل المعروف "بربع الكيالة" وقال الصغير هو نصف الكيالة يا أبي. وليس ربعها. لأن كل مرتين بكيلة واحدة.
قال يا بني: عرفناه يا بني بهذا الاسم أباً عن جد.
وكبر الغلام. وبحث في الأمر. ووجد أن ربع الكيالة فعلاً لأن ربع الويبة "المكيال القديم" وليس ربع الكيلة. ودعا لوالده بالرحمة.