يعيش الرجل ويتأثر بالأم والزوجة ويمكننا تقسيم عمره عندما يتجاوز الستين عاما من العمر لثلاث مراحل حيث يعيش ويتأثر في الثلث الأول من عمره بالأم وفي الثلث الأخير بالزوجة بينما يعيش ويتأثر بالأم والزوجة في المرحلة الوسطي من عمره.
ونري تأثير الأم المباشر في بناء شخصية الابن منذ ولادته ورضاعته وتغذيته وتعليمه المخاطبة ومدي توجيهه نحو التمسك بالأديان السماوية وقراءة القرآن ثم تأثير الأم علي الابن في مراحل التعليم المختلفة وتهيئة الجو للمذاكرة واستيعاب العلوم حتي التخرج. وأسلوب المعاملة مع الابن خلال مراحل المراهقة وكيفية حمايته من الانحراف الأخلاقي والديني والجنسي. ثم يأتي دور الأم في المشاركة في اختيار الابن لزوجته وشريكة حياته في المراحل التالية من عمره.
وهنا تبدأ المرحلة الثانية من عمر الابن. حيث يعيش ويتأثر بكل من الأم والزوجة ويؤدي نجاح الابن في إيجاد نوع من الحب والتسامح بين الأم والزوجة إلي تعميق الحياة الزوجية وإنشاء أسرة متماسكة واستمرار حبه والعشرة الطيبة للأم والزوجة. وهنا يبدأ تأثير الزوجة علي شخصية وأداء الابن لدوره كأب وكمسئول عن الأسرة الجديدة. وعن مدي نجاحه في العمل واستمرار علاقاته القوية مع الأم والابن وإخوته. ويبدأ تأثير الزوجة القوي علي الرجل خلال المرحلة الثالثة من عمره والتي دائما ما تكون الأم قد توفيت أو وصلت لعمر يجعلها غير مؤثرة علي الابن ومسيرته العلمية والعملية والوظيفية والأخلاقية. وهنا يكون للزوجة الدور الأهم في مدي استكمال الزوج لمسيرته ومعيشته ووظيفته وعمله.
وهنا أستأذن القارئ ولقد وصل بي العمر لمرحلة يصعب زيادته بأكثر من ربع العمر الحالي أن أتقدم برسالة تقدير واعتزاز لأمي وزوجتي. وهنا قد يسأل القارئ وما دخلنا نحن القراء بذلك؟ ولكن أريد أن أرسل لكل ابن وابنة بمصر من خلال تجربتي الحياتية وقبل مماتي بأهمية تقوية العلاقة بين الابن وأمه والزوج وزوجته لصالح الأسرة الصغيرة ولصالح المجتمع المصري ككل. حيث لا أنسي حب أمي واعتزازها بي واهتمامها المستمر لكي أكون متفوقا في دراستي وتعليمي الاعتزاز بالنفس والكرامة والاهتمام بالغريب والقريب والبر بالأهل والأصدقاء.
لا أنسي ما كانت تعمله أمي عند نزولي من الإجارة "خميس وجمعة" خلال مراحل دراستي بالكلية الفنية العسكرية والطعام الذي كانت تعده للعائلة كلها لسبب وجودي معهم. ولا أنسي مدي اعتزازها عند تخرجي في الكلية وعملي كمعيد بالكلية الفنية العسكرية وتحفيزي للاهتمام بالعلم والمعرفة. والمشاركة في اختيارها الموفق لزوجتي وبالرغم من كثرة الإيجابيات التي قمت بها تجاه أمي ولكني أشعر بالقصور. وأناشد كل ابن وابنة بأهمية تقديم كل العون للأم خاصة في حالة وفاة الأب وعدم البخل تجاه الأم بالنسبة لتلبية مطالبها من الزيارات وأداء العمرة وفريضة الحج ومطالبها من الملبس والمأكل والزيارات والأماكن السياحية داخليا وخارجيا.
وأشعر حاليا بأن سفري الأسبوعي للزقازيق كان بسبب قوة الدفع نحو أمي التي كانت تستعد وتفرح بحضوري وتعمل علي تجميع كل الأبناء وتعمل علي حل أي مشاكل بين الأبناء وتعميق مبادئ التصالح والمسامحة. لا أنسي عدم نومها بعد ترك الزقازيق الساعة 2 مساء لتتصل بي تليفونيا للاطمئنان وسبحان الله يرن التليفون دائما وأنا أدخل منزلي بالقاهرة.
والرسالة الثانية أتقدم بها لزوجتي شريكة حياتي خلال المرحلة الثانية والثالثة من عمري وحتي الآن. إن الأيام تؤكد أهمية حسن المعاملة بين الزوج والزوجة لصالح أفراد الأسرة ولغرض إنشاء أسرة صالحة دينيا وعلميا وخلقيا وبعيدة عن الانحراف. والحق يقال أن وضعي الوظيفي خلال فترة خدمتي بالقوات المسلحة كان بدعاء الأم والزوجة ولقد تنافس الأب والأم علي رغبتهم وأملي بأني سأتولي منصب المحافظ علي قول الأم ووزيرا علي قول الأب ولكن تحقق أحلام ورغبات الأم ولكن للأسف بعد وفاتها وكل ذلك بدعائها مع دعاء الزوجة والأنجال.
إن الزوجة الصالحة المتدينة هي أساس نجاح الزوج والأبناء. لا أنسي انصياع الزوجة لطلباتي بشأن دراستها الماجستير أثناء فترة دراستي للدكتوراه بالخارج بالرغم من صغر سنها وبعد الزواج مباشرة. لا يمكن أن أنسي دورها في تشجيعي علي التفوق في الدراسة والبحث العلمي والسهر ليلا والعمل طوال النهار وتركها الوظيفة للتفرغ لتربية الأبناء وتفرغي للعمل لصالح الوطن مصر الغالي. لقد كنت أرجع لها ومازلت للدعاء وللتغلب علي المحن والمصاعب التي واجهتني في عملي. وكان الله نصيري بدعائها ودعاء الأبناء. والفرحة التي عمت الأسرة بقيادة الزوجة عند تقليدي منصبا رفيعا بالقوات المسلحة والحزن عند تركي لهذا المنصب. ثم وقوفها خلفي ورعايتي للتغلب علي مصاعب واجهتنا جميعا. ولا أنسي حكمتها المتميزة وتنبؤها بأحداث تحدث بعد فترة زمنية. لا أنسي دعاءها المستمر حتي انفتحت السماء لنا جميعا وتقليدي منصب محافظ البحيرة وهنا تذكرت نبؤة الأم والزوجة ولا أنسي الشهور التي قضيتها في عملي بالمحافظة وبعدي عن العائلة وتولي الزوجة لكل مهام الأسرة بنجاح.
وبعد ذلك يظهر معدن الزوجة وأصلها عند تركي منصب المحافظ والظهور بالقوة المطلوبة بالرغم من الحزن الداخلي والصدمة القوية التي واجهت جميع أفراد الأسرة. ولكن تمسكها بالدين وقربها من الله سبحانه وتعالي جعلنا جميعا نتخطي تلك المصاعب وظهر بريق من النور في الأفق البعيد بسبب دعاء الزوجة المستمر.
وهنا نؤكد لكل رجل وامرأة بأهمية التماسك القوي بين الزوجة والزوج واستمرار قوة العلاقة بين الابن والأم بعد الزواج وكل ذلك يرجع لشخصية الزوجة وحبها للأسرة والزوج والأم.
وأؤكد أن ما وصلت له من مناصب وحب الناس والمعيشة المتوسطة الجيدة يرجع أساسا لدعاء الأم والزوجة والأبناء. ولذلك أرجوكم جميعا باستمرار حبكم للأم والزوجة وتلبية مطالبهم الحياتية والدعاء لهم باستمرار. لأن حبهم للرجل هو سر نجاحه وهو سر وقوف الله سبحانه وتعالي مع مسيرة الرجل إن الحياة بدون حب وتسامح لا تساوي شيئا.