المساء
عياد بركات
ويتجدد اللقاء - جامعة القاهرة .. تفكر بشجاعة !
تفاجئنا جامعة القاهرة من آن لآخر بما هو جديد. مؤكدة أنها رائدة التنوير في مصر والعالم العربي منذ أن أنشئت عام 1908.
آخر ما فاجأتنا به جامعة القاهرة ويتسق مع ما تعلقه الأمة عليها من آمال هي "وثيقة جامعة القاهرة للتنوير" التي لم يجف بعد الحبر الذي كُتبَت به.. والتي نري أنها جاءت في موعدها تماماً. ولتُلقي حجراً في بركة التفكير الراكدة.
هذه الوثيقة أري أن نأخذها مأخذ الجد. نأخذ منها ونضيف إليها ونقتدي علي هُداها.
الوثيقة شعلة أوقدتها الجامعة. علينا أن نأخذ منها قبساً نوقده في أكثر من مكان. بل شعلة ننير بها القلوب والعقول قبل الأماكن والمطارح.
وكان بودنا لو أن جامعة الأزهر وما لها من عراقة أن كانت هي البادئة في إشعال فتيلة التنوير. أو أنها انضمت لجامعة القاهرة في التأكيد علي وثيقة التنوير. ولكن ما لا يُدْرَك كله.. لا يُتْرَك كله.. ولعل جامعة الأزهر في الطريق لإصدار وثيقتها التنويرية.. وإن غداً لناظره قريب.
بداية ليس كثيراً علي جامعة القاهرة ورئيسها د.محمد عثمان الخُشْت أن تفعل ذلك. فجامعة القاهرة منذ نشأتها وهي مهد للتنوير منذ تأسست عام 1908 تحت اسم الجامعة المصرية. وقد أنشأها رواد التنوير في مصر: محمد عبده. ومصطفي كامل. ومحمد فريد. وقاسم أمين. وسعد زغلول. وكان أستاذ الجيل أحمد لطفي السيد. أول رئيس لها و الي علي رئاستها أو العمل تحت قبتها أساتذة أفذاذ ورواد للتنوير. يتقدمهم د.طه حسين وأحمد أمين ود.مصطفي مشرفة. وغيرهم وغيرهم الكثير.
إن وثيقة جامعة القاهرة تؤكد أول ما تؤكد علي تطبيق ما تنادي به الجامعة علي الجامعة ذاتها أولاً. حيث إن جامعة القاهرة مدنية عقلانية. والحرية مكون أصيل من مكوناتها. وتأكيد حق الاختلاف وتنوع الفكر الخلاق في إطار الدولة الوطنية وعدم التعصب لتيار ضد تيار. فالجامعة بيت للمصريين جميعاً.
والي بعد ذلك بنود الوثيقة ومنها: تأكيد هدية مصر المستنيرة القائمة علي قيم التعايش وتقبل الآخر.. التنوير ممارسة عقلانية تقترن بالجرأة علي استخدام التفكير العقلاني النقدي. فالتنوير هو التفكير العقلي بشجاعة.
وبنود الوثيقة قد لا سع هذه المساحة لها. ولكن من بنودها أيضاً بناء بيئة تعليمية تحفز روح الاكتشاف والإبداع والحرية الأكاديمية وتعمل علي القضاء علي التعليم الـمُولِّد للإرهاب ومناهج الحفظ والتلقين التي تصنع عقولاً جامدة واتباع طرق التعليم القائمة علي المناهج العقلية والأساليب التجريبية والفكر التحليلي والحل العملي والعلمي للمشكلات.. والعمل علي تغيير نمط الحياة نحو التحضر بمعناه الشامل. ورترسيخ أخلاق التقدم.
البند السابق الذي يدعو لتعليم يقضي علي التعليم الـمُولِّد للإرهاب. يجب وضع أكثر من خط تحته. فالإرهابي عبدالرحيم المسماري. تلقي تعليماً من المهد حتي الجامعة. ولكنه لم ينجح إلا في صنع عقول جامدة. وأصبح ما تلقاه من تعليم هو تعليم يشكل بيئة مُولِّدة للإرهاب والتعليم الذي تلقاه المسماري لا يزال يتلقاه كثيرون هنا.
تحية لجامعة القاهرة منارة التنوير وصاحبة وثيقة التنوير.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف