الوطن
يحيى حسين عبد الهادى
وا أسفاه!
أمس (8 يونيو 2015)، أتم الرئيس عبدالفتاح السيسى العام الأول من فترته الرئاسية الأولى.. وقد كنت أترقب مجىء هذا اليوم، متمنياً على الله ألا يحل إلا وقد تم تلافى خطيئة دستورية لا مبرر لها بالمرة.

إذ إن المادة 145 من الدستور، جاء فيها نصاً: «يتعين على رئيس الجمهورية تقديم إقرار ذمة مالية عند توليه المنصب، وعند تركه، وفى نهاية كل عام، وينشر الإقرار فى الجريدة الرسمية». والحقيقة أن كل الرؤساء السابقين كانوا (يقدّمون) إقراراتهم للموظف المختص فى الرئاسة دون أن ندرى ما يحتويه الإقرار، ودون أن يخضع للمحاسبة.. الجديد الذى لم يحدث فى كل الدساتير السابقة هو مسألة نشر إقرار الذمة المالية للرئيس فى الجريدة الرسمية فى توقيتات محدّدة.. وهى مادة واضحة وغير قابلة للتأويل ولا تنتظر قانوناً لتنظيمها، ولم تفعل للأسف.

أعرف أن هناك ما يربو على عشر مخالفات دستورية صريحة حتى الآن، لكن هذه المادة هى الوحيدة التى يُسأل عنها الرئيس شخصياً.. فهى ليست كمخالفة تأجيل الانتخابات النيابية مثلاً يمكن إلقاء مسئوليتها على اللجنة العليا للانتخابات.

فى أواخر ديسمبر الماضى كتبت مقالاً، أنبه فيه إلى انقضاء النصف الأول من العام الرئاسى الأول دون نشر إقرار الذمة المالية للرئيس.. وقد اندهشت لامتناع الأصدقاء فى إحدى الصحف الخاصة عن نشر مقالى للمرة الأولى من أيام «مبارك».. وقد نشرته عبر شبكات التواصل الاجتماعى.

وقبل شهر من الآن، تفضلت صحيفة «الأهرام» بنشر مقالى كاملاً دون اقتطاع حرف واحد منه، وفى مكان بارز ولافت، وبعنوان مباشر وصريح (أين إقرار الذمة المالية للرئيس؟)، كررت فيه التحذير من اكتمال العام دون تصويب هذه المخالفة الدستورية التى لا مبرر لها بالمرة، إذ لا نعتقد أن فى إقرار الذمة المالية للرجل ما يشينه.. فمعلوم للجميع أنه من أسرة ثرية من قبل توليه المنصب الرئاسى، كما أن سمعته طوال خدمته العسكرية ليس بها شائبة فساد.. حتى خصومه لم يتهموه فى ذمته.

رجّحت أن هناك شخصاً ما فى الرئاسة أو جهازاً رقابياً يتحمّل مسئولية تذكير الرئيس ومتابعة تنفيذ هذا الالتزام الدستورى، وأن هذا الشخص أو الجهاز لم يقم بدوره، إهمالاً أو خوفاً أو نفاقاً.. وافترضت أن الرئيس إن لم يقرأ ما أثرته وغيرى فى هذا الشأن، فلا بد أن تقرير الرأى العام اليومى سيحيطه علماً بذلك.. ومنيت نفسى بإصلاح هذا الخطأ الدستورى قبل أن يتحوّل إلى خطيئة إذا اكتمل العام الأول.. للأسف فقد اكتمل العام الرئاسى الأول أمس، ولم يتم تنفيذ الواجب الدستورى.

كنا نرتكن إلى هذه المادة، لنطالب البرلمان (إذا وُلد فى حياتنا) بإلزام كبار المسئولين فى الدولة بنشر إقرارات ذممهم المالية على البوابة الإلكترونية للحكومة، كخطوة أولى لمكافحة الفساد الذى تعلن الدولة يومياً أنها تحاربه.. لم يعد لكل ذلك الآن معنى.. وا أسفاه!
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف