الأخبار
نبيل زكى
كلمة السر - القتل علي الهوية!
المدعو »أحمد سعيد السنباطي»‬، قاتل القس سمعان رزق الله في الشهر الماضي بمنطقة المرج، أدلي باعترافات خطيرة وصادمة تستفز المشاعر وتستدعي التوقف عندها. قال انه ليس »‬مغيبا» ولا يعاني من أمراض نفسية، وأنه »‬سليم زي الفل» . وكل الحكاية أنه تلقي إشارة عن طريق هاتف محمول من »‬السيادة الحرة» أو »‬مساعد الأمير» لتنفيذ جريمته، وأنه ليست له علاقة بالقس ولا يعرفه، ومع ذلك طعنه بالسكين في بطنه ثم لاحقه بالطعن في ظهره وواصل ضربه بالسكين بعد أن وقع علي الأرض في رقبته ووجهه، وأنه مثل به بواسطة إحداث علامات بالسكين في دماغه قاصدا »‬إزهاق روحه».
أما السبب في هذه الجريمة المروعة والبشعة فهو ـ كما قال القاتل الذي لم يكمل تعليمه بعد السنة السادسة ابتدائي - أن القص »‬كافر وينشر الكفر»!
إنه لأمر مفجع أن يوجد كائن آدمي في مصر يتصرف علي هذا النحو الهمجي، فهو لم يرتكب هذه الجريمة بطريقة عشوائية أو أنه فقد أعصابه خلال مشادة حامية ، ولكنه ارتكبها ضد انسان مسالم.
وكان القاتل يقصد الضحية لذاتها وبحكم ديانتها وانتظرها متربصا مع سبق الإصرار والترصد، وبناء علي تعليمات ، لذبحه لمجرد أنه ينتمي إلي دين آخر. إنه القتل علي الهوية.
لا ينبغي ان نلوذ بطمأنينة زائفة عن طريق إقناع أنفسنا بأنه حادث استثنائي غير قابل للتكرار أو انه مجرد قاتل واحد من بين ملايين الناس، ذلك ان هذا القاتل ـ الأداة ـ المسلوب الإرادة المنزوع العقل، بعمليات غسيل مخ، والجاهل المتعصب من إفرازات بيئة تولت تشكيل طريقته في »‬النظر» إلي الامور. فمن ناحية، هناك جهلاء متعصبون شربوا حتي الثمالة من البئر المسمومة للكراهية العمياء، وهم يهددون الأمن والأمان والنسيج الوطني الواحد كما يهددون العقل والفكر والضمير، وثمة غشاوة سوداء علي عقولهم وظلامية تلغي إرادتهم وإنسانيتهم ونعيق بوم يصك آذانهم... وهناك من ناحية أخري، مخططون مدبرون ومحرضون يحولون هؤلاء الجهلاء الممسوخين إلي قتلة وسفاحين محترفين، ولكن يد العدالة لا تصل إليهم كما وصلت إلي منفذي أوامرهم.
كيف يمكن ضياع الرؤية وغياب الوعي إلي هذا الحد؟
وأين مناهج التعليم والثقافة والإعلام والخطاب الديني الذي يعلم هؤلاء أن الايمان الحقيقي يخرج الانسان من عزلته ويدعوه إلي علاقة أكثر قربا واتصالا بباقي البشر، وان اقباط مصر رفضوا مساعدة الصليبيين حين جاءت جحافل الغرب تحمل شعار الصليب، وكيف قاومت الكنيسة الوطنية المصرية بعثات التبشير الأجنبية منذ منتصف القرن التاسع عشر؟ ومن الذي يعلم هؤلاء الجهلاء أنه عندما علم أسقف القبط بالإسكندرية أبو بنيامين بقدوم عمرو بن العاص كتب إلي القبط لإبلاغهم بأنه لن تكون للروم دولة ويأمرهم بتلقي عمرو بالترحاب؟ ومن يعلم الجهلاء ما قاله المؤرخ العربي »‬محمد بن أبي السرور البكري الصديقي» في كتابه »‬الكواكب السائرة في أخبار مصر والقاهرة» من أن قبط مصر من ذرية الانبياء عليهم السلام.
وحدة المسلمين والمسيحيين . وحدة دم ارتوي به التراب المصري الغالي.

تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف