حديث الشاب الليبى الإرهابى للإعلامى عماد أديب عن الصائل، كان يستوجب إصدار دار الإفتاء أو مشيخة الأزهر تصريحاً أو بياناً توضح فيه مفهوم الصائل لدى الفقهاء، وهل يجوز إطلاق مصطلح الصائل على الحاكم أو جيش وشرطة البلاد؟ وهل يمكن أن نطلقها على حاكم وجيش وشرطة بلد آخر؟ وهل يجوز قيام مواطن من بلد آخر السفر لدفع الصائل فى بلد آخر؟
الصائل، حسب ما جاء فى كتب الفقهاء، هو معتدٍ ظالم على فرد أو مجموعة، بقصد السرقة أو الاغتصاب، تماماً مثل قاطع الطريق والبلطجى الذى يعتدى على بيتك أو أرضك أو محل رزقك أو عرضك، وقد يكون الصائل مسلماً أو غير مسلم، مواطناً أو أجنبياً، لكن القصيدة هنا تقع على فرد كما قلنا أو مجموعة، بمعنى آخر الضرر فيها شخصى ومحدود، والمنفعة كذلك، حيث يسعى الصائل لمنفعة أو كسب لشخصه أو لغيره. والفقهاء أباحوا للمصول عليه دفع الصائل، مقاومته، واشترطوا تدرج عملية الدفاع إلى أن تصل إلى قتل الصائل فى حالة شعور المصول عليه بخطورة على حياته، عندما يكون الخيار بين نفسى أو نفسه.
والأحاديث النبوية التى وصلتنا فى الصحاح تؤكد هذا المعنى، فقد جاء فى صحيح مسلم: «أن رجلاً قال: يا رسول الله أرأيت إن جاء رجل يريد أخذ مالى؟، قال: فلا تعطه مالك، قال: أرأيت إن قاتلنى؟، قال: قاتله، قال: أرأيت إن قتلنى؟، قال: فأنت شهيد، قال: أرأيت إن قتلته؟، قال: هو فى النار»، وقال عليه الصلاة والسلام فى مسند أحمد: «من أشار بحديدة إلى أحد من المسلمين يريد قتله فقد وجب دمه».
وروى الترمذى، والنسائى، وأبوداوود وأحمد من حديث سعيد بن زيد؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من قتل دون دينه فهو شهيد، ومن قتل دون دمه فهو شهيد، ومن قتل دون ماله فهو شهيد، ومن قتل دون أهله فهو شهيد».
ابن تيمية فى مجموعة الفتاوى فى إطار حديثه عن جهاد الدفع، عرف العدو المحتل بالصائل، قال: «أما قتال الدفع فهو أشد أنواع دفع الصائل عن الحرمة والدين واجب إجماعاً، فالعدو الصائل الذى يفسد الدين والدنيا لا شىء أوجب بعد الإيمان من دفعه، فلا يشترط له شرط -كالزاد والراحلة- بل يدفع بحسب الإمكان، وقد نص على ذلك العلماء أصحابنا وغيرهم».
وتعريف ابن تيمية هذا هو الذى يتبناه الإرهابى الليبى وزملاؤه من المتطرفين، والأزهر مطالب بأن يوضح هذه المسألة، هل الغازى أو المعتدى الأجنبى على البلاد يدخل ضمن مفهوم الصائل؟، وهل يجوز قياساً تعريف الحاكم، حتى لو كان ظالماً، بالصائل؟ وهل جيش وشرطة البلاد تعد أدوات للحاكم أو لصائل على زعم التكفيريين؟