المصريون
محمود سلطان
لماذا يعادي العالم الإسلاميين؟! (2ـ 2)
تساءلتُ في مقالٍ سابق "وفاة بن لطفي.. والأسئلة المسكوت عنها".. لماذا لا يعبأ العالم وخاصةً الديمقراطي، والذي يعلي من حقوق الإنسان.. بالانتهاكات المروعة التي يتعرض لها الإسلاميون؟! ولا يتعاطف بقضاياهم حتى لو كانت عادلة؟!
لماذا يعادي العالم الإسلاميين؟!.. فأنا هنا أسأل، عن "جزء" من العالم الإسلامي (الإسلاميون) وليس عن العالم الإسلامي.. المدهش أن ردود الفعل، كانت تعكس استبطانًا بأن الإسلاميين هم "الأمة" وليسوا جزءًا منها.. فعندما يعادي العالم، الإسلاميين، يعتقد الإسلاميون تلقائيًا.. بأنه يعادي المسلمين كأمة!
ممارسات الإسلاميين، تبدو وكأنهم حصلوا على "تفويض" من الأمة.. فهم "المفوضون" ـ كما يعتقدون ـ بإعادة الخلافة وأسلمة المجتمع.. راجع ـ مثلاً ـ موقف الإخوان الآن، من الشعب المصري، بعد الإطاحة بـ"مرسي"، وفض اعتصام رابعة!
المهم أني تلقيت ردودًا على مقالي، وكلها بلا استثناء، كانت تؤكد هذا الاستبطان المتوهّم، بأنهم الأمة وليسوا جزءًا منها.. ومفوضون بالوكالة عنها، بفرض ما يسمى "المشروع الإسلامي" على الجميع وعلى العالم كله أيضًا!
فيما النظام الدولي القديم، القائم على الغزو والتوسع "الإمبراطوري"، لا يزال حاضرًا وبقوة في العقل الجمعي "الإسلاموي"، في ظل غياب كامل للوعي بأن التمدد الجغرافي للمسلمين وبقوة السلاح على الأرض "الفتوحات" كانت سليلة النظام الدولي آنذاك، فالتوسع بالفتوحات، كان هو القانون السائد في النظام الدولي القديم، ويكتسب شرعية الاعتراف به، بعد أن تضع الحرب أوزارها.
الإسلاميون المعاصرون، يعتقدون أن هذا النظام "القديم"، من الثوابت المستقرة، في علاقات المسلمين بالعالم، وأنه لا يجوز التخلي عنه، حتى لو تغير الزمان والمكان والنظام الدولي.. ويظل حلمًا معلقًا، بسبب ظروف "الاستضعاف"، ولكنه يُمسى "تعبدًا" لله، حال توفرت شروط "التمكين".
ولنكن صرحاء: صحيح أن "داعش" هو النموذج الأسوأ والأكثر دموية ووحشية، ولكنه في واقع الحال، هو سليل هذه العقيدة السياسية.. فإذا كانت عند "داعش" ضرورة "عاجلة"، فإنها "مؤجلة" عند ما يسمى بالتيارات الإسلامية المعتدلة.
وسواء كانت "عاجلة ـ داعش".. أو "آجلة ـ القوى المعتدلة"، فإنها في النهاية تمثل تحديًا غير مأمون العواقب في التعاطي مع النظام الدولي الحالي، ويثير فزعه وكراهيته للإسلاميين عمومًا، وتحمله على السكوت والرضا، على ما يتعرضون له من انتهاكات متباينة، من بينها القتل والتصفية خارج القانون، باعتبار ذلك، ممارسة "مشروعة" ضد قوى "شريرة" و"ظلامية" معادية للعالم وللنظام الدولي، وللإنسانية في المحصلة النهائية.
على الإسلاميين ـ إذن ـ أن يعيدوا تقديم أنفسهم من جديد للعالم، كقوى محبة للسلام والتعايش.. وليست فائضًا إنسانيًا صداميًا ومعاديًا له.. حال شاءوا أن يكونوا جزءًا منه.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف