تابعت تقريراً مهماً لشبكة «CNN». رصدوا منطقة معينة داخل ليبيا. يتاجرون فيها بالمهاجرين الأفارقة من الدول التى حولها. وغالباً من جنوب السودان حيث الاقتتال والمجاعة. يتم بيعهم فى سوق للعبيد. تظهر عليهم آثار عنف. فصيل من الليبيين يهاجمون المجموعات الفارَّة من المجاعات. على أمل الوصول إلى شاطئ البحر الأبيض. بعد أن يتعرض بعضهم للقتل. من يتبقَّى منهم يتاجرون فيه متاجرة العبيد. هكذا انتهى بهم المصير. كان أملهم المرور من خلال ليبيا إلى بلاد ترعى الإنسانية والبشر.

التقرير جاء بتصوير للمزاد. صوت وصورة. يباعون بمبالغ تتراوح بين 400 و750 دولاراً للفرد.

المنحنى الذى يرصد تطور أى شىء. إما يكون صاعداً أو هابطاً. لكن من الممكن للمنحنى وهو صاعد أن ينقلب فجأة عند نقطة معينة. تسمى هذه نقطة انقلاب (Deflection Print).

مع كل الأديان التى نزلت لهداية الإنسان. مع تعدد الثقافات. مع اختلاف حضارات عظيمة وقيم مثالية توصل إليها البشر. تطوَّر الإنسان من أصله المتوحش إلى ما هو عليه الآن. مع ذلك تحدث دائماً نقط انقلاب بهذه الحدة. تقذف به إلى ما كان عليه. إلى الإنسان الأوَّل البدائى.

هذه الردة والبدائية التى انحدر إليها فصيل فى دولة مثل ليبيا. هذه ردة تصيب أفراداً. فى كل بلد. نجدهم يمارسون قسوة رهيبة حتى داخل بيوتهم. مع عائلاتهم. مع مرؤوسيهم. بمنأى عن أى ثقافة. عن أى دين. ردة لحظية تحدث كل يوم. تعيد الإنسان مرة أخرى إلى الأصل الذى بدأ منه.

ردة لن أسميها نقطة انقلاب. بل أسميها نقطة انحدار. تعيد الإنسان مرة أخرى لغرائز الحيوان. قبل مراحل تطوره عبر الأديان والثقافة والحضارة.

ظاهرة غير مقصورة على ليبيا أو على المواطن العربى. هى موجودة فى كل مكان بالعالم. انظر إلى الممارسات التى كانت فى أمريكا حتى بعد إلغاء العبودية بالنص على ذلك فى الدستور الأمريكى عام 1865. ورغم إقرار عصبة الأمم إلغاء العبودية فى مؤتمر عام 1906. إلا أنه كان هناك تمييز بين المواطنين البيض والسود. لدرجة أن السود كانوا ممنوعين من دخول أماكن معينة حتى وقت قريب جداً. وتصل درجة الإهانة إلى أن يكتب المواطنون البيض على محالهم «ممنوع دخول السود والكلاب».

هنا تتغلب غرائز الحيوان. ينفض الإنسان عن نفسه كل تراكمات الحضارة والثقافة وتعاليم الأديان.

ظاهرة نراها فى صور شتى ومتعددة. لحظتها تنحسر حتى غريزة الأبوة والأخوة والأمومة. وهنا تتمكن غريزة المتوحش البدائى. كما جاء منذ أول الخليقة.