يثبت المصريون يوماً بعد يوم أنهم شعب متحضر له جذور ضاربة في أعماق التاريخ الإنساني. فبالرغم من الأهواء التي تعصف بالمنطقة في كافة الاتجاهات.. إلا أن مصر ابدا لم تتعمد التدخل المباشر أو غير المباشر في الشأن الداخلي لأي دولة من دول الجوار سواء في محيطها العربي والأفريقي.
ولم يقتصر ذلك الأمر علي القرار السياسي الرسمي للدولة. ولكنه امتد للوعي الجمعي للمصريين. وهذا ما وضح جليا علي مواقع التواصل الاجتماعي حيال الأحداث المتسارعة التي تحدث سواء في المملكة العربية السعودية أو في دولة لبنان الشقيق.
وان دل ذلك علي شيء فإنما يشير إلي أن مصر ابداً لم تسع لتحقيق مكاسب خاصة هنا أو هناك علي حساب ثوابتها ومعتقداتها الراسخة.
فمصر لم تستغل ما يحدث في الداخل الليبي. وان كانت هناك مساعدات فإنها تتم في إطار مساندة الشعب الليبي للنهوض من كبوته ولحين ثبات مؤسسات الدولة الليبية واضطلاعها بمهامها.. لأن هناك أواصر من الود والصداقة تربط الشعبين المصري والليبي ممتدة عبر حقب تاريخية ليست بالقليلة.. وان كنا نؤمن أن ليبيا رضينا أم أبينا تمثل عمقاً استراتيجياً للدولة المصرية من جهة الغرب.
وعلي الجانب الآخر من جهة الشرق شاهدنا منذ فترة وجيزة تدخل مصر العميق للمساهمة في لم شمل الشعب الفلسطيني.. ولما لا؟ وهي من أكثر الدول العربية التي ضحت وجاهدت من أجل القضية الفلسطينية.
أما الدور الذي قامت به مصر للحفاظ علي الدولة السورية وجيشها حتي لا تخرج من معادلة توازنات القوي في المنطقة فهو أمر يجب أن يشار له بالبنان. رغم المعوقات والضغوط.. وان دل ذلك علي شيء فإنما يدل علي عدم تبعية القرار المصري وخضوعه لأي املاءات خارجية.
وهنا نؤكد أن مصر لم تكن يوماً قوي مناهضة للسلام. بل علي العكس من ذلك فهي راعية وممهدة له. ولكنه دائماً السلام الذي يأتي من منطلق القوة ويقوم علي العدل ويحمل في طياته الخير للجميع.