ازدحم الشارع السياسي بأكثر من مائة حزب.. منها 72 خرجوا من رحم ثورة يناير.. ومع هذا لا يعرف أحد لهم اسماً.. ولا يذكر لهم برنامجاً.. ولا يستشعر لهم تأثيراً.. باستثناء حزبين أو ثلاثة.. أحدهم يستمد قوته من التاريخ.. والآخر من دعم رجال الأعمال.
مجرد إخطار.. وحجرة ولافتة.. يصبح بعدها حزباً سياسياً بالاسم فقط.. مفتقداً أبسط الشروط. وأهم المواصفات.. خاوياً من الأهداف.. عاجزاً عن إيجاد قواعد جماهيرية.. عازفاً عن وضع برنامج يتضمن حلولاً وأطروحات للقضايا المصيرية.. غالباً يقوده جماعات المصالح التي تتصارع علي المناصب.. وتتنازع علي النفوذ.. ودائماً تكتفي بالمبادرات الورقية.. وبيانات الشجب والإدانة علي القنوات الفضائية.. والنتيجة فشل وإخفاق.. تمزق وانقسام.. وتردي وانحدار الحياة الحزبية.. وتصدر النخب الفاسدة للمشهد.. وإثارة كتائب الفيس بوك.. لـ "اللغط والبلبلة"..!!
لم تعد التحديات الشرسة تسمح باستمرار هذا الوضع.. الذي لا يتفق أبداً مع المصالح العليا. ولا يتناسب مع سعي الدولة الدؤوب لحماية الأمن القومي. ونضالها الكبير لبناء وبقاء المجتمع المصري علي أسس متينة. وترسيخ قيم العدالة والكرامة والمساواة بين أبناء الشعب الواحد.
لابد وأن تنقض الأحزاب عن كاهلها غبار التمزق والتشتت.. وتستجيب لنداء الوطن. وتسارع بالاندماج.. ليس اندماجاً رقمياً وشكلياً.. بل مضموناً وموضوعاً وأهدافاً.. تأييداً للأمن والاستقرار.. ودعماً للبناء والتنمية والإصلاح.
المواطن.. يريد أحزاباً.. تنقذ الشباب من التطرف.. تستوعب طاقاتهم. وتنمي قدراتهم. تصقل مواهبهم.. تنور لهم طريق الفلاح والرشاد.. أحزاباً تساند الدولة في حربها ضد الإرهاب.. بتنوير بصيرة الرأي العام.. والدعوة للتكاتف والترابط.. وحماية المجتمع من الفرقة. وتنتهج النقد البناء.. تقدم حلولاً واقعية للقضايا والأزمات.. بتطوير التعليم. وتطهير الشارع من المخالفات والبلطجة.
يتطلع الأحزاب.. تتمتع بالجماهيرية. والقيادات الوطنية.. خالية من الصراعات. لا تعرف النزاعات.. تقدم الصالح العام علي المآرب الشخصية.. تتصدي للمتربصين والمشككين.. وتفضح العابثين والهدامين والمأجورين لإحداث الفوضي.. وتدحض الشائعات والأكاذيب.. بالمعلومات الصحيحة. والحقائق الدامغة.
نأمل أن نري أحزاباً.. تتصدي لغلاء الأسعار. والمتاجرة بأقوات الشعب.. وتحارب مظاهر الفساد والواسطة والرشوة والمحسوبية.. وتساند المواطن البسيط ساعية لتوفير أبسط حقوقه في العيش الكريم.. أحزاباً تحيي القيم والمبادئ.. وتثمن الولاء والانتماء.. وتدعم الممارسة الديمقراطية.. وتشارك في تقوية الاقتصاد.. وتسهم في مسيرة التنمية والتحديث.
إن المواطن ينتظر القرار الفصل من قيادات الأحزاب.. إما بالانضمام لكتائب العمل والبناء.. والإسهام بجدية في مواجهة تحديات الوطن.. وبالتالي تتحول إلي منابر قوية مخلصة الهدف والرؤي.. وإما أن تظل علي حالها من التمزق والسلبية.. وبذلك لن تختلف كثيراً عن نشطاء السبوبة. وجماهيري الفيس بوك.. الساعين لتشويه الإنجازات. والتشكيك في النجاحات.. لكن الفشل في انتظارهم كالعادة.. فالدولة المصرية باقية ومنتصرة بعون الله.. سواء اندمجت الأحزاب.. أو اختارت العزلة.. لأن الحق دائماً يزهق الباطل.