نوال مصطفى
حبر علي ورق - محكمة في حديقة
يغمرني الإحساس بالرضا من ردود الأفعال القوية التي تصلني منذ إطلاق التحالف الوطني لحماية المرأة بالقانون الذي تم تدشينه يوم 16 أكتوبر الماضي، ومبادرة "غارمات خارج الأسوار" التي أطلقتها كأول تشريع يسعي التحالف لتعديله من أجل حماية المرأة المصرية الفقيرة وأطفالها وبالتالي المجتمع كله من الآثار السلبية لوجودها في السجن، وهي لم ترتكب جرما فعليا، بل تعثرت، ولم تسدد أقساطا بسيطة عليها، وبسبب جهلها بالقانون وقعت ضحية تجار الفقر في مجتمعنا بكل أسف. يعكف الدكتور جابر نصار علي دراسة التشريع المقترح، ومعه مجموعة من المحامين المتخصصين.
وعلي جانب آخر تلقيت دراسة قانونية مدققة من المستشار سامح عبد الحكم بخصوص تشريعات تحمي المرأة المطلقة وأولادها تضمن لها حقوقها المادية والمعنوية عن طريق تعديلات منطقية، ومن السهل تطبيقها. قال إنه أعد مشروع قانون لتبسيط إجراءات التقاضي أمام محاكم الأسرة وحل إشكالية بطء إجراءات التقاضي في قضايا الأسرة وطرق مواجهة ذلك. وقام بتقديم هذا المشروع إلي المجلس القومي للمرأة واللجنة التشريعية بمجلس الشعب. وقال إن قانون إنشاء محاكم الأسرة بحاجة إلي تعديل بعد أكثر من ثلاثة عشر عاما علي صدوره برقم 10 لسنة 2004. وأوضح أنه يجب تقديم حلول بلا ثغرات قانونية بغرض محاولة إجراء التسوية والتصالح قبل عرض الدعوي علي المحكمة، مشيراً إلي أن محاكم الأسرة اكتظت بالدعاوي التي تعدّت أرقاماً لم تبلغها من قبل، وبدلاً من أن يكون القانون عوناً في اختصار زمن التقاضي وتبسيط إجراءاته أصبحت بعض نصوصه لا تناسب الغرض والهدف المرجو منها، بما يتناسب مع مقتضيات العدالة والقانون. أما الحلول المنطقية التي يطرحها المستشار عبد الحكم فتتلخص في: استبدال مكاتب التسوية بإنشاء هيئة تحضير الدعوي بمحاكم الأسرة، وتأسيس الهيئات الابتدائية منها والاستئنافية برئاسة قاض بمحكمة الاستئناف علي الأقل بالنسبة للمحاكم الابتدائية ويعاونه العدد الكافي من قضاة، ومن ثم تقوم هيئة تحضير الدعوي بتجهيزها وفقاً لظروف كل دعوي قبل إحالتها للمحكمة. يجب الالتزام بمدة زمنية محددة، بمعني أن يلتزم قاضي هيئة تحضير الدعوي بمدة لا تتجاوز ثلاثين يوماً للانتهاء من تحضير الدعوي علي الوجه الأكمل من تحقيق وإعلان بالصلح وإعلان بالجلسة وعرضها علي المحكمة لتصبح جاهزة للفصل فيها.
ويضيف: اقترحت أيضا بناء محكمة بكل حديقة للأسرة علي مستوي المحافظات، ولو بمساحة ثلث أو ربع الحديقة فقط، في شكل مبني عصري ومتناسق، وما المانع في ذلك؟ أليست حدائق الأسرة في مفهومها الذي أنشئت من أجله هي حدائق لأجل استخدام وانتفاع أفراد الأسرة المصرية بها، وأن مرتادي الحديقة وضيوفها من جد وجدة وأم وأب وأطفال، هم ذاتهم أشخاص المتقاضين بمحاكم علي اختلاف نوعية قضاياها. فما المانع من تخصيص جزء بسيط من كل حديقة لإقامة محكمة ذكية ونموذجية للأسرة تصلح وتناسب ارتياد أفراد الأسرة المصرية لها من زوجة وزوج وأطفال يسعون للحصول علي حق من حقوقهم في إطار من الخصوصية يحافظ علي ما تبقي من مشاعر أسرية ويساهم في حماية مشاعر أطفال قد لا تنسي ذاكرتهم تلك الصورة؟.
تحية من الأعماق لرجال القانون والقضاء الذين يبذلون جهدا وطنيا مخلصا من أجل تحقيق العدل وإرساء الحق، والحفاظ علي سلامة المجتمع من أخطار حقيقية تصيبه في مقتل. التعديلات التشريعية هي طريقنا إلي تحقيق الاستقرار، وترسيخ قيمة الانتماء في قلب المواطن ووجدانه، والتحالف الوطني لحماية المرأة بالقانون يرحب بكل جهد مخلص وجاد لتنقية القانون المصري من نصوص لم تعد صالحة لهذا الزمان، ولا تتعامل قضايا المجتمع بموضوعية ورحمة. وأملي أن تحظي كل التشريعات التي تعكف مجموعة من القانونيين علي كتابتها بدعم، ومساندة نواب الشعب بمناقشتها، وإقرارها في حال اقتناع النواب بأهميتها في حماية المرأة ومن ثم الأسرة، والمجتمع.