كان نبينا (صلي الله عليه وسلم) أفصح الناس، وأبلغ الناس، ويعدون من عظيم بلاغته (صلي الله عليه وسلم) أحاديثه التي جرت مجري الحكمة أو المثل، كقوله (صلي الله عليه وسلم) : »لا يلدغ المؤمن من جحر واحد مرتين»، وهكذا كان صحبه الكرام (رضوان الله عليهم) فكان سيدنا عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) يقول : »لست بالخب ولكن الخب لا يخدعني»، ويروي عن المغيرة بن شعبة (رضي الله عنه) أنه كان من دهاة العرب، وكان يقول : »لولا الإسلام لمكرت مكرًا لا تطيقه جزيرة العرب».
ويجب أن نأخذ من دروس الماضي ما نبني عليه الحاضر وننطلق به في المستقبل، وأن نتذكر التاريخ الأسود للجماعات المتطرفة وفي مقدمتها رأس الأفعي جماعة الإخوان الإرهابية التي احترفت العمل السري متجاوزة إياه إلي التقية والنفاق، بل إن بعض أعضائها طبع علي ذلك لدرجة يصعب علي كثيرين تمييزها، علي حد قوله تعالي في شأن بعض المنافقين : »وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَي النِّفَاقِ لَا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَي عَذَابٍ عَظِيمٍ».. وإذا كنا نؤكد أن الإرهاب لا يمكن أن يعمل إلا في ضوء حواضن تحتضنه وتأويه وتنميه وتوفر له المناخ الآمن، فإن عناصر الجماعة الإرهابية لا يمكن أن تتسلل إلي المؤسسات إلا من خلال خلايا نائمة أو متعاطفة تهيئ لها ذلك وتساعدها عليه وتمكن لها فيه، وإن الأمر لجد خطير، وليس الحل في ترحيل المشكلات وتأجيل المواجهة إلي آماد غير محدودة حتي يستفحل شر هؤلاء ويشتد عضدهم، ويشكلون ما يشبه اللوبي أو المافيا داخل بعض مؤسسات الدولة بصورة يخشي معها شرهم ومكرهم، وبحيث يتحولون مع الوقت من مخادعين أو منافقين أو متسللين إلي مافيا يتقرب إليها الضعفاء والباحثون عن المصالح والمنافع، ولاسيما أن القيادات والعناصر الإخوانية لا دين لها ولا خلق ولا أمانة ولا وطنية، فهي تغدق علي الموالين لها وتستخدم أقصي درجات المنع والحرمان والإقصاء للمخالفين أو المعارضين أو حتي غير الموالين لإخضاعهم وكسر إرادتهم.
وإذا تُرك بعض الناس وحالهم دون دعم فإن المراهنة علي قوتهم وصلابتهم مراهنة خاطئة وغير مضمونة العواقب أو النتائج، ففي كل يوم نتردد فيه في القضاء علي تسلط العناصر الإخوانية ومن يواليها أو يمكنها من رقاب بعض الخلق نخسر مساحات واسعة من الأرض التي يجب أن نتحرك عليها والسواد الأعظم الذي نراهن علي وطنيته.
نحن في حاجة إلي تحرك سريع وحاسم وبتار وغير هياب ولا متوجس في جميع المجالات والاتجاهات، وفي جميع المؤسسات لقطع أذرع الجماعات الإرهابية وتجريدها من أي مصادر قوة، دفعًا لخطرها الداهم وشرها المستطير.
لقد حاولت تلك الجماعات الإرهابية المتطرفة سابقًا التسلل عبر بعض الجمعيات والنقابات والمؤسسات حتي صاروا نافذين فيها، ومسيطرين علي كثير منها، مما عرّض الوطن لخطر جم، دفعه الله عنا بفضله وكرمه، ثم بفضل قائد شجاع جسور هو سيادة الرئيس / عبد الفتاح السيسي، ومن خلفه قواتنا المسلحة الباسلة، التي مازالت وستظل تسطر ملاحم البطولة والفداء الوطنية، وفيَّة علي العهد في مواجهة قوي الإرهاب والشر، ومعها رجال الشرطة الأوفياء، وكل كاتب أو إعلامي أو وطني غيور علي وطنه.. ولا يظنن أحد أن المعركة قد انتهت أو أن المواجهة قد حسمت، لأن نفوس الشر لا تهدأ، وهناك من يدعمها ويستخدمها ويمولها ويحركها، وما لم نتحل باليقظة والشجاعة والحسم فإن الأمر لجد خطير، ولقد تحدثت في أكثر من مقال سابق عن مخاطر المترددين وأكدت أن من المحزن في هذه المرحلة الفارقة في تاريخ وطننا وأمتنا، والتي تقتضي منا جميعًا أن نقف وقفة رجل واحد في مواجهة الإرهاب وقوي الشر والظلام أن يتردد البعض في حسم هذه المواجهة التي تقتضي أكثر درجات الحسم، إذ إن بعض الناس مازالوا مخدوعين أو مترددين في وقت نحتاج أن نذود فيه بشجاعة عن حمي الوطن الذي هو القلب النابض للعروبة والإسلام، وصمام الأمان لأمتنا العربية، وعمود خيمتها، بل هو رأس الحربة في مواجهة الإرهاب وكف شره عن الإنسانية.
علي أن هناك أيضًا من يراهن علي الحصان الخاسر، ويتوجس من الوهم، ويخشي أن تدور الأيام إلي الخلف، فلا تجد لهم موقفًا واضحًا، وهناك من هو علي استعداد لأن يتحالف مع العنف والإرهاب ومن تبنوا العنف والإرهاب مسلكًا، أو مع بقايا الفصائل المتشددة أو الإرهابية، أو ما يعرف بالخلايا النائمة لها، دون تقدير للمصلحة الوطنية، ونقول لهؤلاء جميعًا : أفيقوا، ولا ترددوا، وأدركوا الواقع، فإما أن نكون أو لا نكون، أما إمساك العصا من المنتصف فذلك عصر قد ولي إلي غير رجعة، ونقول لهم : »نحن نراكم».