الجمهورية
فريد إبراهيم
الإفتاء بالاسم
من أجمل ما كتب الشاعر الراحل فتحي سعيد قصيدة بعنوان "إلا الشعر بأموالي" والقصيدة تحكي عن سلطان أمر شاعره المفضل ان يعلمه فنونا متنوعة من الحياة كالحكمة والموسيقي واللعب بالألفاظ وتاريخ الفلك والمنطق والجبر.. وكلما ذكر السلطان لونا من هذه الفنون حدثه الشاعر فيها ووضع يديه علي أسرارها حتي ذكر السلطان الشعر وقال: "لا تجعل في الشعر ولا في الشعراء سواي" فقال الشاعر "علمتك كل فنون الإنسان / وحكيت بألسنة الطير / وألسنة الجنة والانس / وألسنة الحيوان أما الشعر فعذراً يا مولاي".
تذكرت هذه القصيدة الرائعة التي تعلمنا ان هناك من الملكات الفكرية ما لا يمكن اكتسابه أو فرضه بالقوة أو شراؤه بالمال وانما هي عطايا وأرزاق إلهية يمنحها الله من يشاء من عباده فيكتشفها الإنسان فينميها ويطورها أو يتركها تموت ومن ذلك فن القول والذي منه الدعوة إلي الله والاقناع بالحجة وعبقرية الوصول إلي قلوب الناس.
أقول: تذكرت هذه القصيدة وأنا أقرأ قوائم الافتاء التي خلت من كثيرين ممن يحسنون القول ويتقنون فن التناول وأضيف إليها بعض ممن حرموا من ذلك. صحيح قد يجيدون التدريس أو ادارة ما يكلفون من أعمال إدارية لكنهم بعيدون عن فن مواجهة الجمهور ولم يدربوا علي ملكات التعامل مع جمهور متنوع بل ان بعضهم كتبت أسماؤهم لمجرد توليهم مسئوليات إدارية معينة.
لذا فقد ذكرت في مقال الجمعة الماضية ان القوائم ولدت لتموت كما حدث في تجارب سابقة وعلي المسئولين عنها أن يعدلوا عن فكرتها إلي أفكار أخري تتمثل في محاولة اكتشاف النابهين في فنون القول وفي فنون الافتاء الذي يمثل ملكة وعطاءات إلهية ثم يقدمونها للإعلام وبالتالي تتراجع القدرات المتواضعة أمام القدرات العالية والثرية وكما قلنا ان الإعلامي كثيرا ما يبحث عمن يسعفه في وقت قصير دون أن يعبأ بمدي تخصصه فإذا ما كانت الخيارات أمامه كثيرة تيسر له أن يختار الأفضل والأوفق.
أذكر في ذلك تجربة لوزير الأوقاف الحالي الدكتور محمد مختار جمعة الذي تواصل مع الإعلام بشكل واسع وقدم لهم من أئمة الأوقاف عدداً كبيراً ممن يحسنون القول وممن حصلوا علي درجات علمية متخصصة وتكونت لديهم خبرة التعامل مع الجمهور من خلال منابرهم ومن يتابع الفضاء بات يدرك ذلك بل كان الوزير يحدث الأئمة في لقاءاته بهم بأنه ليست لديه أزمة إعلام ولا أزمة وقت في شاشات الفضائيات.
أريد أن أقول ان آليات تقديم من يتحدثون تختلف عن قصة القوائم وانما تتم بالاكتشاف للموهبة وعرضها دون فرض وهي ستفرض نفسها بعد ذلك وإذا عدت لتجربة الأوقاف الثرية في ذلك فإنني أشير إلي ما تقوم به الوزارة الآن من دورة تدريبية للمميزين من الأئمة وهي عبارة عن لقاء بين أصحاب الملكات الدعوية أعتقد انها ستثمر كثيرا في هذا المجال ولا أنسي في ذلك ما كان من جهد للدكتور علي جمعة أثناء توليه دار الافتاء وقبلها وتمثل في اعداد التلاميذ الذين ينقلون عن استاذهم خبراته الحياتية والدعوية التي لا تعلمها الكتب.
من سحر الكلام
كل يخون كله
فمن بدنيانا أمين؟
ومن الخئون حقيقة
ومن الذي يرعي الشئون؟
فالكل يزعم انه
في الحق صلب لا يلين
حتي أضعنا حلمنا
ما بين سفسطة ومين
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف