لقد كرم الإسلام الإنسان علي اطلاق انسانيته بغض النظر عن دينه أو لونه أو جنسه أو عرقه فقال سبحانه في محكم التنزيل "ولقد كرمنا بني آدم" "الإسراء 70" ولم يقل كرمنا المسلمين وحدهم أو المؤمنين وحدهم ولا الموحدين وحدهم ولا المتدينين وحدهم.
كما حفظ للإنسان ماله وعرضه ودمه حيث يقول رسولنا "صلي الله عليه وسلم" في خطبته الشهيرة "حجة الوداع" مخاطباً الناس جميعاً: "فإن الله قد حرم بينكم دماءكم وأعراضكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا أبلغت؟ قالوا: بلغ رسول الله صلي الله عليه وسلم قال: ليبلغ الشاهد الغائب" ويقول الحق سبحانه "من أجل ذلك كتبنا علي بني اسرائيل انه من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا" "المائدة 32" ولما مرت جنازة يهودي علي رسول الله "صلي الله عليه وسلم" هب واقفا فقيل له: انها جنازة يهودي فقال "صلي الله عليه وسلم" أليست نفسا؟!
وعندما قال "صلي الله عليه وسلم" ¢لا يدخل الجنة من لا يأمن جاره بوائقه¢ "رواه مسلم" لم يخص "صلي الله عليه وسلم" الجار بكونه مسلما أو مؤمنا أو متدينا وإنما أطلقه عاما ليشمل كل جار بغض النظر عن دينه أو لونه أو جنسه.
وقال "صلي الله عليه وسلم": "المسلم من سلم الناس من لسانه ويده والمهاجر من هجر ما نهي الله عنه" وعندما قال "صلي الله عليه وسلم": "ويميط الأذي عن الطريق صدقة" ذكر لفظ الطريق علي الاطلاق ولم يقل طريق المسلمين أو المؤمنين وهكذا في سائر ما يتصل بالتعامل مع الناس جميعا.
وإذا تحدثنا عن أهم الحقوق التي رسختها خطبة الوداع نجد انها شملت حق الحياة وحق الأمن علي النفس والمال والعرض كما تحدثت بوضوح شديد عن حق المرأة حيث يقول "صلي الله عليه وسلم": "إن لكم علي نسائكم حقا ولنسائكم عليكم حقا".
وقد طالعت التقرير السنوي للمجلس القومي لحقوق الإنسان "2016 - 2017" ولفت نظري فيها اتساقه مع هذه المبادئ من حق الحياة وحق الأمن المجتمعي والاقتصادي وكان مما ذكره التقرير ما يلي:
1- يثمن المجلس التضحيات الكبيرة التي يقدمها رجال القوات المسلحة والشرطة لحماية الدولة والمجتمع من الجرائم الإرهابية التي تشكل بطبيعتها أحد أشد انتهاكات حقوق الإنسان جسامة كما يثمن مبادرة السيد رئيس الجمهورية لتأسيس مجلس قومي لمكافحة الإرهاب والتطرف تتويجا للمبادرات المتنوعة في هذا الصدد.
2- ينظر المجلس بتقدير إيجابي لجهود الدولة في حفظ الأمن العام ومكافحة الإرهاب وتعزيز سيادة القانون واستعادة هيبة الدولة.
3- يثمن المجلس الجهود الكبري التي تبذلها الدولة لتلبية الحقوق الاقتصادية والاجتماعية وتحقيق التنمية الوطنية الشاملة وبناء مسار تنمية مستدامة.
وهو ما يجعلنا نؤكد وباطمئنان ان الحقوق الطبيعية للإنسان قد رسخها ديننا الحنيف وأكد عليها رسولنا "صلي الله عليه وسلم" منذ ما يزيد علي أربعة عشر قرنا من الزمان.
ونؤكد أيضاً ان ما دعا إليه سيادة الرئيس في أحاديث متعددة من ان مكافحة الإرهاب حق من حقوق الإنسان بل في مقدمة هذه الحقوق كما ان الحق في الحياة الكريمة صحة وتعليما واسكانا أحد أهم حقوق الإنسان كل ذلك مما يستحق كل التقدير من جهة ويؤكد ان العمل الجاد علي توفير الحياة الكريمة للإنسان هو من أولي أولويات حقوق الإنسان الطبيعية مع التأكيد علي انه لا تنمية ولا استقرار إلا بمواجهة حاسمة للإرهاب والقضاء عليه وهو ما يجعل من مواجهة الإرهاب أولوية ومن تضافر الجهود للقضاء عليه في مقدمة الواجبات الوطنية والتقاعس عن مواجهته أو التستر عليه خيانة وطنية كبري.