الأهرام
محمود مراد
مصر.. القاعدة والدور
مباشرة أقول إنه فى غياب مصر عن محيطها العربي.. تصبح الفرصة متاحة لافتراس الدول العربية من القوى الإقليمية والدولية المتربصة بها، والذى يدرس أحوال الأمة العربية منذ السبعينيات وحتى الآن يجد أن هذا صحيح تماما، وإذا كانت جامعة الدول العربية ـ ومنذ سنوات ـ تسعى إلى تطوير هيكلها واستحداث آليات لتفعيل العمل العربى المشترك.. فهذا أمر جيد.. المشكلة فى اقتناع الدول الأعضاء وفى رغبتهم.. وهذا ـ فيما أعتقد ـ غير موجود لدى بعض الدول مما جعل الحركة »محلك سر«!. لكن ومنذ شهر مايو الماضى بزغ تجمع هو: الرباعية العربية، الذى يضم مصر والسعودية والإمارات والبحرين، لمناهضة الإرهاب والدول الداعمة له وفى المقدمة »قطر« التى لا أعرف كيف ـ تريد أن تحل مكان مصر، بل وتناطح السعودية وتعبث فى أمن البحرين والإمارات.. ودول أخري، مستغلة ومستخدمة »المال« الوفير الناتج عن بيع الغاز، وبدلا من رفاهة شعبها وفعل الخير.. اختارت الشر.. طريقا، والشيطان.. مرشدا!. وأظن ـ وبعض الظن ليس إثما ـ فإن اجتماع وزراء خارجية الدول الأربع فى مقر الجامعة بالقاهرة ـ الأحد الماضى قبل اجتماع وزراء الخارجية العرب، كان له أثر كبير فى مناقشات الوزراء العرب، حيث اتسمت بالموضوعية، بينما كان المناخ فى المنطقة ساخنا جدا. وصحيح أن الأمة العربية فى خطر.. غير أن بيان وزراء الخارجية، إلى جانب تنديده بموقف إيران وتحذيره من عاقبة ممارساتها فى بعض الدول العربية، رأى ألا يشكوها الآن إلى مجلس الأمن إنما فقط يحيط المجلس وأعضاءه علما بما يحدث فى المنطقة، وهذا ـ فيما نرى إجراء عاقل، فإن تمادت إيران.. يتصاعد الموقف العربى وتحركاته، وفى هذا الشأن اتخذ الوزراء قرارا مهما باعتبار »حزب الله« إرهابيا. وفى لبنان بالذات يبرز الدور المصري.. لكن لا يمكن أن يكون هذا الدور موجودا إلا بناء على رغبة ودعوة الشعب اللبنانى والقوى الوطنية فيه.. فإن هذا البلد العربى حبيب إلى العرب وإلى مصر. والآن.. فإننى ألاحظ أن مصر مدعوة إلى القيام بدور فى لبنان.. وقد ظهر هذا فى اتصالات جرت الأسبوع الماضى أهمها اتصال الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون بالرئيس عبدالفتاح السيسى ثم زيارة رئيس وزراء لبنان سعد الحريرى الثلاثاء الماضي، حيث استقبله الرئيس السيسى الذى كان قد عاد توا من قبرص، وفى ذات الوقت فإن الرئيس اللبنانى ميشال عون اتصل تليفونيا بالرئيس السيسي، ولابد أن الاثنين: عون والحريرى قد عرضا على الرئيس ما يجرى فى لبنان.. وهو يدور حول حالة الانفلات السياسى والخشية أن ينتج انفلاتا أمنيا ـ وكذلك العبث الإيرانى وعلاقات طهران المريبة بحزب الله، وما الذى ينتويه هذا الحزب؟ وفى تقديرى فإن لبنان الذى احتفل يوم الأربعاء الماضى بيوم الاستقلال.. ينبغى عليه ـ وللتحديد ـ ينبغى على قياداته السياسية والحزبية والثقافية وكل فئات الشعب أن تتحد وراء مطلب محدد هو استقلال لبنان وامتلاكه إرادته وقطع أية صلات مريبة بجهات خارجية، والحفاظ على ميزاته ومنها التنوع الطائفى والعرقي، ولكن داخل بوتقة واحدة ودون تصادم، وإلغاء المليشيات المسلحة وألا يكون فى البلد سوى جيش واحد وسلطة أمنية واحدة تتبع الدولة. ونحن فى مصر وبكل التأكيد.. وكما قال الرئيس السيسى لعون والحريري.. نريد لبنان آمنا مستقرا وندعمه تماما فى هذا الاتجاه.. فإن مصر دائما تحرص على سلامة لبنان وعدم التدخل فى شئونه الداخلية أو استقطابه من أى دولة خارجية، وأننا نرى أن لبنان وبصيغته التى ارتضاها والتى يطورها بنفسه يمثل »رئة« فى الجسد العربي. واستقراء لمجريات الأحداث.. فإننى أتوقع أن يكون لمصر دور هام فى المسألة اللبنانية بناء على دعوة القوى الوطنية فيه التى تدرك أهمية القاهرة.. والتى أدركت حكمة الرئيس السيسى التى دفعت الرئيس الفرنسى للاتصال به والتشاور معه، لأنه من الصعب إيجاد حلول فى غياب مصر!.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف