أسامة الألفى
ارفعوا أياديكم عن أموال المعاشات
منذ أستن يوسف بطرس غالى أيام مبارك، نهج التعامل مع أموال المعاشات على أنها ملكية حكومية، سارت الحكومات المتعاقبة بعده تتعامل بهذا المبدأ، برغم أن أموال المعاشات تعد أموالًا خاصة بنص المادة 17 من الدستور، الذى ينص أيضًا على أنها «تتمتع بجميع أوجه وأشكال الحماية العامة المقررة للأموال العامة، وهى وعوائدها حق للمستفيدين منها، وتستثمر استثمارًا آمنًا، وتديرها هيئة مستقلة، وفقا للقانون».
وبرغم إقرار الحكومات من عهد مبارك وحتى اليوم بحق أصحاب المعاشات فى أموالهم وعوائدها، إلا أنها استباحت هذه الأموال، بقرارات وحجج مختلفة، وتصرفت فيها بشكل غير سليم، وقد كشفت السفيرة ميرفت تلاوى وزيرة الشئون الاجتماعية فى عهد مبارك بعضًا من هذه القرارات غير المدروسة، ومنها أن يوسف بطرس غالى أخذ 500 مليون من أموال المعاشات وأعطاها لأحد الأشخاص فى البورصة وخسر المبلغ، كما رفض غالى اقتراحًا من التلاوى بشراء شركة الاتصالات بأموال المعاشات، مفضلاً بيعها للأجانب بسعر يقل بـ 200 ألف جنيه عما عرضته التلاوي، وأضاع بذلك على أرباب المعاشات مكسبًا كبيرًا مضمونًا كان يمكن أن يصلح أحوالهم!!
ويضاف لما سبق استثمار يوسف غالى مليارات أخرى فى مشروعات فاشلة، لصالح رجال أعمال وشركات أجنبية، هرب معظم أصحابها بغنيمتهم تاركين الخسارة لصندوق المعاشات، هذا وغيره يدلنا على فداحة الجرائم التى ارتكبها غالى فى حق أموال أصحاب المعاشات، والتى صمتت الحكومة عن محاسبته عليها، لأنها شاركته الإثم باستيلائها على 161,8 مليار جنيه منها لا تدفع عوائد عنها، و235 مليار جنيه تدفع عنها عوائد زهيدة تبلغ حاليًا نحو 8,5% أى أقل من نصف عوائد شهادات استثمار البنوك!!
وقد أشارت دراسة أعدتها الهيئة القومية للتأمين الاجتماعى إلى أن مجموع أموال التأمينات من الممكن أن يبلغ نحو 923.4 مليار جنيه، لو تم حساب عائد هذه الأموال طبقًا للسعر الأكثر عدالة وواقعية، وهو سعر فائدة الإقراض، والرقم يمثل مجموع ما يتوقع أن يكون حجم هذه الأموال لدى الحكومة وجهات أخرى تتبعها، فلو طبق سعر فائدة الإقراض ستصل ديون الحكومة إلى أكثر من 750 مليار جنيه، فضلاً عن نحو 100 مليار جنيه ديون بنك الاستثمار القومي، إلى جانب الأموال المستثمرة من هيئة التأمينات مباشرة وقدرها 73.4 مليار جنيه.
إلا أن هذه الأرقام لا يجب أن تخدرنا بأمل كاذب، فالواقع يقول بصعوبة رد الحكومة لهذه الأموال على المدى القريب، فالأمر معقد ويحتاج إلى تغيير شامل فى سياسات الدولة المالية، واتخاذ إجراءات جذرية لإصلاح الموازنة المثقلة بالأعباء من جراء فوائد الديون الداخلية الخارجية، وما يحتاجه إصلاح البنية الأساسية للخدمات، وإن كان بالإمكان تصحيح وضع أصحاب المعاشات بزيادة معقولة.