عباس الطرابيلى
هموم مصرية سلامتك.. شريف بك
يجب أن نفصل تماماً بين احترامنا لشخص ما.. بل وحبنا له.. وبين نقدنا لبعض أعماله.. العامة. وللأسف نحن لا نفعل ذلك.. بل إن من مسئولينا من يري أن من ينتقده، ينتقده لشخصه.. وليس لخطأ وقع فيه.. أقول ذلك بسبب سفر المهندس شريف إسماعيل رئيس الحكومة لإجراء جراحة دقيقة في ألمانيا.. وبكل الصدق أتمني له الشفاء التام.. والعودة سليما معافي لكي يواصل حمل همومنا.. وما أكثر همومنا.. بل تصل إلي حد أننا «نثقل» فعلاً وكثيراً علي الحكومة.. فالشعب يعاني من ترسبات استمرت، حتي استفحلت، لعشرات من السنين.. وشعبنا يلح علي أن تُحل كلها.. في شهور.. وربما في أيام.. وهذا هو قدر المهندس شريف اسماعيل.
وربما لأنني «صحفي معارض» بل ومشاكس فإن بيني وبين الحكومات والوزراء الكثير من المشاكل.. وعدم القبول ولا أقول الجفاء.. ولكن كل ذلك من أجل ما هو أفضل للشعب، وللوطن. واعترف أن شريف بك تحمل الكثير.. ورغم أنه يقابل نقدنا بابتسامته المعروفة، إلا أنني لا أستبعد بعض العتاب من جانبه لكل من ينتقد سلوكه العام.. وليس سلوكه الخاص. فالرجل مشهود له بالأخلاق وسعة الصدر.. وقدرة هائلة علي التحمل افتقدناها في كثير من المسئولين.
<< وكان الأسهل له أن يستريح، وأعلم أنه طلب ذلك مراراً، ولكن طلبه هذا كان يرفع الحرج عن الرئيس السيسي.. ولكن طريقة عمل شريف بك وجدت قبولاً من الرئيس السيسي.. بل وترحيباً من الناس الفاهمين- من شعبنا العزيز- وعن تحمل رئيس الوزراء- شفاه الله وعافاه وأعاده لنا ولأسرته سليما معافي ليواصل حمل أمانة المشاركة الحيوية في إنقاذ الوطن- عن هذا التحمل والمعاناة لا تكفي المقالات.. ولا كل كلمات الشكر والتقدير فهذا هو قدره وهذا هو دوره وأداؤه الذي نراه عظيماً.. ولكن الشعب يحلم بالكمال ونسينا أن الكمال لله وحده.
<< وأتذكر هنا عداء كان مستحكماً، بيني وبين الدكتور كمال الجنزوري عندما كان رئيساً للحكومة مصر أيام الرئيس مبارك، بسبب مشروع توشكي الذي أراه مشروعاً طيباً، ولكن توقيت تنفيذه أيامها كان هو الخطأ بعينه.. إذ لم تستمع الدولة- كلها أيامها- إلي ضرورة البحث عن بدائل ولا ننفق كل هذه المليارات بينما كان يمكن أن نوفر مئات الملايين تكاليف محطة الرفع العملاقة وتكاليف شق الترعة.. وأن تستخدم- بدلا منهما- المياه الجوفية.. المهم تضخم الخلاف بيني وبين رئيس الوزراء- الدكتور الجنزوري- حتي انه حرك ضدي جهاز أمن الدولة الذي استدعاني إلي لاظوغلي. وهنا لجأت للرئيس مبارك الذي أنصفني وأبعد عني جهاز أمن الدولة.. وبعد أسبوع فوجئت باستدعائي أمام نيابة أمن الدولة العليا بتهمة نشر خبر عن مطبعة البنكنوت.. وأحسست بالخطر إذ ما أدراكم- أيامها- بنيابة أمن الدولة.. لذلك لجأت للمرة الثانية للرئيس مبارك فطمأنني.. وخرجت من القضية سليماً!
<< ورغم كل هذا الخلاف، عندما استقال، أو أجبر الدكتور الجنزوري علي الاستقالة.. وجدت أحد كبار- ممن كانوا من طقم الحكومة أو يستخدمون لمصالحها.. يهاجم الدكتور الجنزوري في اليوم التالي.. هنا- وأنا كنت أكبر معارض للدكتور- اندفعت أكتب مقالاً علي عامودين بالصفحة الأولي لـ«الوفد» عنوانه «شجاعة الفرسان». ولقنت هذا الكاتب الكبير الذي كانت الدولة تطلقه علي المعارضين درساً في الأخلاق.. ودرساً في الأدب العربي. المهم أيقظني يوم ظهور المقال تليفون أرضي وكان المتحدث هو الدكتور الجنزوري نفسه.
وقال لي بالحرف.. «انت يا فلان اللي بدافع عني» ودار عتاب طويل أصبحت بعده من المقربين للدكتور، حتي الآن.. لأنني قلت: لقد تربيت علي «طبلية أبي» الذي علمني الأصول.
<< وأنا الآن والمهندس شريف أسماعيل يستعد لإجراء عملية خطيرة.. أدعو له بالشفاء والعودة معافي لأسرته الشخصية.. ولنا نحن كل المصريين ليواصل عمله في خدمة هذا الوطن، بكل شرف. ولم لا واسمه: شريف؟!