السيد العزاوى
دعاء الجمعة: اللهم اجعلنا قدوة بالخير.. ولا تجعلنا عبرة للغير.
لقد كان رسول الله محمد بن عبدالله صلي الله عليه وسلم نموذجا فريدا وأسوة حسنة في التعامل مع سائر البشر يحترم آدمية الإنسان.. فهو بحق معلم البشرية الأول في سلوكياته الطيبة حتي مع من يختلفون معه.. حسن خلقه العظيم مثار الاعجاب لأهله وعشيرته فقد كانوا يقبلون إلي مجلسه يضعون أماناتهم وكل ما يخشون عليه منها تحت يديه لأنهم من خلال معاشرتهم له في أم القري عرفوا عن قرب ويقين انه الصادق الأمين.. لم يخذل أحدا يوما.. بشر تحلي بأفضل الصفات ويكفيه شرفا ان رب العالمين امتدحه في قوله سبحانه "وإنك لعلي خلق عظيم" انه بحق أفضل تكريم لرسول الله صلي الله عليه وسلم ليس هذا فحسب وانما كان تكريم الله بصور أخري متعددة فرغم انه بشر كسائر الناس يأكل مما يأكلون لكن ما حباه الله من خصوصية تمثلت في حسن أخلاق وطيب تعامل جعلته في مكانة لا يرقي إليها أي بشر أيا كانت صفاته ومن فضل الله ان جعل الحديث معه ليس كأي فرد وانما له شروط جاءت في سورة الحجرات "يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله واتقوا الله إن الله سميع عليم. يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض أن تحبط أعمالكم وأنتم لا تشعرون" "أوائل سورة الحجرات".
هذا الرسول الكريم كان في غاية التواضع فقد كان يجيب دعوة كل من دعاه فهذه فتاة صغيرة قد طلبت منه أن يصطحبها إلي السوق لشراء بعض الاحتياجات فأجابها بكل نفس راضية وذهب معها وقضي لها حاجتها "لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رءوف رحيم" لم يدع علي أحد قط وانما كان يرفع يديه إلي السماء قائلاً: "اللهم اهد قومي فإنهم لا يعلمون" انها خصوصية اختص الله بها رسوله الكريم فهو الأرجح عقلاً وسلوكياته كانت مضرب الأمثال في قوة الاحتمال والصبر علي أذي قومه وأهله وبكل قوة في الصبر.. لم يستطع أي بشر احتمالها ومن أفضل هذه المواقف وهذه الحقائق انه عندما أذن الله له بالهجرة من مكة إلي المدينة المنورة طلب من ابن عمه علي بن أبي طالب أن يأخذ الأمانات التي كانت تحت يد النبي صلي الله عليه وسلم كي يردها إلي أصحابها. فهل هناك صفات أفضل من ذلك ورغم ان هؤلاء قد تعرضوا له بالأذي ووقفوا في طريقه وكذبوه إلا انه أبي أن يتخلي عن صفاته الطيبة يقدم الأمانات لمن ائتمنه عليها حتي لو كان خائنا كما حدث مع أهل مكة من الذين آذوه وقاموا بسبه ورفض دعوته للحق والنور المبين.
مواقف متعددة وجوانب مشرقة في حياة هذا النبي الأمين صلوات الله وسلامه عليه.. لم يغدر بأحد حتي بأشد الناس عداوة له كما رأينا من تصرفه ليلة الهجرة ولهذه السلوكيات الطيبة والتصرفات الإنسانية التي تشرق الأنوار من كل جوانبها وكانت محل تقدير أبي بكر الصديق وكل من تعامل مع الرسول صلي الله عليه وسلم وفي أحد الأيام سأله أبوبكر قائلاً: يا رسول الله انني أعرف العرب وأنسابهم وكثيراً من تصرفاتهم فلم أر أفضل أدباً وخلقاً من أدبك يا رسول الله حتي امتلكت هذه الصفات الطيبة؟ فأجاب الرسول بكل تواضع قائلاً: يا أبا بكر ادبني ربي فأحسن تأديبي.. انه قد أهله ربه لهذه المكانة الطيبة "ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين" وسوف يظل رسول الله صلي الله عليه وسلم علي مدي الدهر أفضل الناس في السلوكيات الإنسانية واحترام آدمية البشر فها هو صلي الله عليه وسلم يهب واقفا عندما مرت أمام مجلسه صلي الله عليه وسلم جنازة والأكثر غرابة ان البعض توجه إليه بتساؤل قائلاً: كيف تقف يا رسول الله لجنازة رجل غير مسلم وبكل الثقة والتواضع الإنساني واحترام الآدمية يجيب هؤلاء قائلاً: أليست نفسا ليؤكد ان الاختلاف في العقيدة وعدم الاسلام ليس مبررا لعدم احترام آدمية أي إنسان. تلك صورة الرسول الكريم ليتنا في هذه الأيام نقتدي برسول الله صلي الله عليه وسلم في كل تعاملاتنا والابتعاد عن السلوكيات السيئة ويجب أن نمتثل لقول الله سبحانه وتعالي "لقد كان لكم في رسول الله اسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيراً" "21 الأحزاب" نسأل الله أن يوفقنا للاقتداء برسول الله وإنسانيته في كل تعاملاتنا ونسأل الله التوفيق لسائر عباد الله المخلصين.