المصريون
جمال سلطان
الخطر الحقيقي على حركة حماس
كنت أتصور أن الاعتراض على تصنيف تنظيم حزب الله اللبناني الموالي لإيران بأنه منظمة إرهابية مجرد وجهة نظر خاصة بالدكتور موسى أبو مرزوق ، عضو المكتب السياسي لحماس ، ولكن فوجئت بأن الصفحة الرسمية لحركة حماس تعيد نفس المعنى ، وكذلك نشطاء الحركة في غزة ، ثم نشطاء جماعة الإخوان في الخارج ، والفكرة الأساسية أن تصنيف حزب الله إرهابيا كان بسبب علاقته بإيران ، وبالتالي فإنه لو سلمنا بتصنيفه منظمة إرهابية فإن الخطوة التالية هي تصنيف حماس نفسها كحركة إرهابية ، وأنا لا أعرف من الذي أدخل في وعي هؤلاء جميعا ذلك المعنى الفاسد .
شتان بين حماس وبين حزب الله ، حماس حركة تحرر وطني ، نضالها داخل وطنها المغتصب ، فلسطين ، حماس لم تلوث بدم عربي ، لم ترسل ميليشياتها لكي تقاتل وتقتل الشعب السوري أو الشعب العراقي ، ولم ترسل خبراءها لتدريب ميليشيات الحوثي ، أو تفتح معسكراتها لتدريب الخلايا الإرهابية المسلحة التي تنشط في البحرين أو في المنطقة الشرقية من السعودية ، حماس لم تفعل ذلك ، لأن مشروعها هو تحرير فلسطين ، تحرير وطنها ، وليس مشروعها متصلا بالمشروع الإيراني في المنطقة ، علاقتها بإيران علاقة احتياج لدعم لا أكثر ، وإيران تحرص على تلك العلاقة معنويا وسياسيا لكي تمسح عن نفسها عار الطائفية والتخريب الذي تقوم به في خمس دول عربية على الأقل ، والأحلاف الطائفية التي تقوم بها مع منظمات شيعية مسلحة في كل مكان ، فتظهر بمظهر الداعم لحركات مقاومة سنية .
حزب الله مشروع مختلف تماما ، هو اتخذ قصة المقاومة كستار ، ولكن عملياته بالكامل ـ باستثناء المواجهة العارضة في 2006 ـ كلها ضد العرب ، وضد المسلمين ، وضد الدول والحكومات السنية بشكل خاص ، لأنه مشروع طائفي بحت ، حزب الله يساند أي ديكتاتور عربي أو مسلم في أي مكان ، طالما كان هذا الديكتاتور يخدم المشروع الطائفي الإيراني ، أو علاقته جيدة معه ، لذلك قاتل حزب الله سنوات طويلة مع الديكتاتور المجرم بشار الأسد ، أسوأ طاغية عرفه العرب في تاريخهم الحديث ، ودفع حزب الله دم الآلاف من مقاتليه من شباب لبنان فداء للأسد ، تحت ستار تحرير "مراقد أهل البيت" في سوريا ، وأرسل شبابه للقتال في العراق أيضا ، وأرسلهم إلى اليمن ، كما أمرهم باجتياح بيروت بقوة السلاح والسيطرة على العاصمة اللبنانية في 2008 عندما اختلف مع مجلس الوزراء ، هذا مشروع غير لبناني بأي شكل ، مشروع طائفي ، ورغم وقوع الاعتداءات الإسرائيلية مرارا على غزة وطحنها بالطائرات والمدفعية إلا أن حزب الله لم يفكر لحظة واحدة أن يطلقة طلقة رصاص تجاه "إسرائيل" دعما لغزة أو حماس ، لأن المقاومة ودعم المقاومة ونصر المقاومة ليس مشروعه ، ولكنه يدعم بشار الأسد ، لأنه مشروعه الطائفي الصريح .
تحتاج حماس إلى أن تبرهن على أنها أخذت مسافة كافية عن جماعة الإخوان وحساباتها ، فالإخوان لها علاقة غامضة ومدهشة مع الإيرانيين ، وفي أي اشتباك أو خلاف عربي إيراني يكون الإخوان في صف إيران ، هذا لغز غير مفهوم لي حتى الآن ، وأذكر أنه قبل حوالي عشر سنوات عندما هاجم الحوثيون الحدود السعودية ووقعت اشتباكات ، قبل عاصفة الحزم بسنوات طويلة ، اصطف الإخوان مع الحوثي ، ودافعوا عنه ، وأذكر أن مساجلة عنيفة وقعت بيني وبين الدكتور عصام العريان على إحدى القنوات الفضائية بسبب دفاعه عن الحوثي ، وهي أخطاء سياسية كارثية دفعت الجماعة ـ وما زالت تدفع ـ ثمنها غاليا ، حماس ينبغي أن تحفظ مسافة كافية بينها وبين حسابات الإخوان وميراث الإخوان السياسي ، لأنه ـ كما قلت سابقا ـ عبء خطير عليها كحركة تحرر وطني ، كما أن أي محاولة لتشبيه وضع حماس بوضع حزب الله اللبناني سيضر حماس بصورة كبيرة ، ويشوه سمعتها ، ويدمر الحاضنة الشعبية لها في فلسطين والعالم العربي كله ، خاصة بعد الجرائم التي ارتكبت في سوريا تحديدا على يد حزب الله والحرس الثوري الإيراني وأثارت غضب الملايين من المحيط إلى الخليج .
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف