الأخبار
أمال عثمان
أوراق شخصية - انفراد مع إرهابي .. مش هتقدر تغمض عينيك !
طالب النائب مصطفي بكري بعدم إعادة عرض لقاء الإعلامي الكبير عماد الدين أديب مع الإرهابي الليبي عبد الرحيم المسماري، المجرم الذي خرج علينا يرتدي بدلة رياضية بيضاء أنيقة »ترينينج سوت»‬، ويجلس بكل هدوء وثبات وثقة، أمام الكاميرات وسط الأضواء الرومانسية الخافتة، مستعرضا أفكاره وقناعاته، وذرائعه وبراهينه الدينية المضللة، ومتفاخرا بالأفعال الإجرامية التي ارتكبها باسم الدين مع زمرة من شياطين الإنس، قتلوا أبناءنا بدم بارد، واستحلوا دماء خيرة شباب الوطن!
لكن للأسف »‬سبق السيف العذل»، وصارت فيديوهات اللقاء التليفزيوني، منتشرة علي المواقع الإلكترونية، وأصبح حديث الإرهابي ملء السمع والبصر، يشاهده الجميع مرارا وتكرارا، بفضل تلك الفكرة »‬الجهنمية» التي طعنت أرواح شهدائنا، واستهانت بأحزان أهاليهم، وضربت عرض الحائط بمشاعرهم، وصوبت نيرانها إلي أفئدة كل المصريين، وقدمت خدمة جليلة للتنظيمات الإرهابية، وأصحاب الفكر التكفيري الداعشي، وأهدتهم فرصة سانحة لترويج أفكارهم الشيطانية، وتسويق آرائهم المغلوطة لملايين المشاهدين عبر الفضاء الواسع.
بالله عليكم ما هي الرسالة التي يمكن أن يحققها حوار لمدة ساعة مع مجرم سفاح؟! وما الهدف من تحويله إلي نجم تليفزيوني يتابع حديثه الملايين، ويتناقل أفكاره الشباب عبر مواقع التواصل الاجتماعي؟! وما المنفعة التي يمكن أن تعود علي الوطن من جراء نشر وإذاعة أكاذيب مدسوسة، وأفكار شاذة وقناعات مسمومة؟! أين هي المعلومات الجديدة التي أضافها لنا اللقاء مع الإرهابي عما نعلمه مسبقا؟!
لقد أعتقد المسئولون عن شبكة قنوات »‬الحياة» أنهم حققوا بهذا اللقاء »‬سكوب» إعلامي خطير، يضاهي الانفراد بلقاء أشهر العلماء والسياسيين ونجوم الفن والرياضة في العالم، هللوا لحديث مع مجرم إرهابي يداه ملطختان بالدماء، وعقله ملوث بأفكار وقناعات ما أنزل الله بها من سلطان، ظنوا ـ وبعض الظن إثم - أنهم حصلوا علي سبق حصري اختص به »‬الإرهابي القدير» شاشة الحياة، دون سائر الشبكات التليفزيونية العالمية، تاجروا بقضية خطيرة وبدماء الشهداء، مثلما تتاجر القنوات الخاصة بقضايا ومشاكل الوطن في برامج »‬التوك شو» ، ولقاءات الفضائح والنميمة علي طريقة .. مش هتقدر تغمض عينيك!!
يا سادة .. ما جدوي محاورة الإرهابيين الذين أوصدت عقولهم، وماتت ضمائرهم؟! إن هؤلاء المجرمين القتلة لا نفع لحوار معهم، ولا طائل من مجادلتهم أو عائد وراء مناظرتهم، وأقولها بصراحة لم يكن الكاتب عماد أديب موفقا في تفنيد تلك المزاعم والأفكار، ودحض هذه الأكاذيب والافتراءات المضللة التي ساقها الإرهابي الليبي، فلا يمكن أن تصل الأمور إلي الصمت حيال مزاعم الإرهابي بأن الرسول الكريم قتل أعمامه، أو غض البصر عن تمادي المذيع في الخطأ، بقوله: »‬أن الرسول قتل أعمامه لأنهم كانوا كفارا»!! أي أن الكفر رخصة ومبرر للقتل!! أليس هذا ما يروجه التكفيريون؟!
إذا كان للحوار ضرورة فإن الأحري بالكاتب الكبير استضافة أساتذة وعلماء مستنيرين في الفقه والحديث والشريعة، قادرين علي المجادلة والمناقشة، وتصويب المزاعم والفتاوي المغلوطة التي ساقها الإرهابي، والرد بالحجة والبرهان علي المعلومات المنسوبة للدين، بدلا إفساح الطريق للإرهابي ليصول ويجول علي الشاشة، ويعبث بعقول البسطاء ويكسب تعاطفهم.
والسؤال .. إذا كانت وزارة الداخلية قد أخطأت التقدير بموافقتها علي إجراء هذا اللقاء، فلماذا وافقت الجهات الأمنية علي بث هذا الانفراد المزعوم بعد مشاهدته، وظهور اللقاء بهذه الصورة المستفزة ؟! وما الفرق إذا بين استضافة قاتل الرئيس الراحل أنور السادات علي الفضائيات، بمجرد خروجه من السجن في فترة حكم الإخوان، وبين الانفراد الآن بحديث تلفزيوني مع قاتل شهداء حادث الواحات؟! هل هذا هو الخطاب المفترض أن يوجهه الإعلام إلي الأمة في هذا التوقيت؟
أخشي ما أخشاه بعد هذه السقطة التليفزيونية التي انفردت بها شبكة قنوات الحياة، أن يتحول الإرهابي الليبي في نظر البعض من مجرم قاتل، إلي مصلح ديني يطالب بتطبيق شرع الله، وداعية يهدي الأمة إلي طريق الصلاح، ومثلما استطاع هو وزملاؤه تجنيد 29 شابا بتلك الأفكار التكفيرية، ينجح أيضا في استقطاب وتجنيد الآلاف من العقول التي أطل عليها عبر الشاشة المتفردة.
إن الانفراد الذي حققه هذا الحوار التلفزيوني، يتجلي في تجميل الصورة الذهنية للإرهابيين، والعبث بحقائق تاريخية ودينية راسخة، فلم يسبق لأي محطة تليفزيونية في العالم الادعاء بأن رسول الإنسانية قتل أعمامه لأنهم كفار!!
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف