المصرى اليوم
نيوتن
التحرش بالرسالة
التحرش هو نوع من التعدى. وسوء الاستخدام هو نوع من التعدى أيضاً. بوفاة النبى محمد عليه الصلاة والسلام اكتملت رسالة الإسلام. بعد ذلك تحوَّل إلى أيديولوجيا. تم استخدام تلك الأيديولوجيا سياسياً. بدليل أن 4 من الخلفاء الراشدين قُتلوا. وهناك ما يؤكد تلك الأيديولوجيا فيما حدث بالدولة الأموية. وكذلك ما حدث فى الدولة العباسية. وباقى الدول التى قامت.

من يعيشون فى عصور الغزو والفتوحات هم من يغذُّون الأيديولوجيا بمعناها الأوسع وغرضها الأخطر. هذا العصر انتهى. يجب ألا نتوقف عنده.

الأتراك احتلوا كل الدول العربية لمدة 400 سنة. ليس لمدة 72 سنة مثلما فعل الإنجليز مع مصر. مع العلم أن تركيا دولة لم تكن لها قيمة فى ذلك الوقت. اكتسبت قيمتها بالأيديولوجيا. بتوظيف رسالة الإسلام لخدمة أغراضها السياسية والإمبريالية.

يجب التوقف أولاً أمام حقيقة لا جدال فيها. لا توجد دولة لها دين. لا يوجد كيان جغرافى له دين. ولا يوجد حتى كيان معنوى له دين.

لا نستطيع وَصْمَ مكان بدين معين. تماماً كما لا نستطيع أن نشير إلى جزيرة خالية من البشر ونقول: «هذه الجزيرة مسلمة أو مسيحية».

هنا تكمن مخاطر الأيديولوجيا. خاصة عندما تتحول إلى سلاح سياسى. يتم من خلالها إعلاء النعرات القبلية. الشوفينية. ويصبح القتل والتصفية هو مصير الخصوم.

هذا يريد أن يقتلك باسم العشيرة. وذاك يريد أن يقتلك باسم القومية. وثالث يريد أن يقتلك باسم الدين.

رسالة الإسلام تحوَّلت بفعل السياسة أو لخدمة السياسة إلى أيديولوجيا. الأيديولوجيا أصبحت مع الوقت سلاحاً فتاكاً. يقتل بأسماء متعددة ومختلفة.

هذا يضع العالم العربى والإسلامى فى مأزق. لم يتشكَّل مجتمع مدنى عربى خلال 14 قرناً. المجتمعات العربية مكبلة بالأيديولوجيا. لا توجد سوى محاولات وامضة يجب دعمها. لتحقيق فكرة المجتمع المدنى. لإعلاء قيمة الفرد فى المجتمع. بوصفه قيمة مميزة ومتفردة. وليس جزءاً من قطيع.

إذا أردنا تقدماً أو اللحاق بركب المستقبل. يجب مغادرة كهف الماضى. والالتزام بما يحث الفرد على الخير والفضيلة. إزالة كل الشوائب والمظاهر التى حوَّلت الرسالة إلى أيديولوجيا. يجب أن يتحوَّل الإسلام إلى دين فردى. وليس ديناً جماعياً. بمعنى أن قيمته القصوى تتحقق داخل الفرد. وتظهر بعد ذلك فى تعامله مع المجتمع من حوله. بهذا يستعيد الفرد قيمته. وتتجه المجتمعات العربية والإسلامية إلى المجتمع المدنى. بكل ما يمثله من قيم حديثة.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف