المصرى اليوم
اسلام الغزولى
الأمن القومي لشمال أفريقيا
تمتلئ المواقع الإخبارية وصفحات الجرائد بتقارير وتحليلات عن الخطر الداعشي الذي يهدد المنطقة بالكامل، وهروب فلول تنظيم داعش من سوريا والعراق مهزومين إلى ليبيا ونيجيريا وتشاد والسودان؛ بالإضافة إلى محاولاتهم المستميتة التسلل إلى سيناء، وتتزامن هذه التحليلات مع إعلان القوات المسلحة الباسلة عن إحباط محاولات متكررة لاختراق الحدود المصرية من الجهة الغربية، وتدمير العديد من عربات الدفع الرباعي والسيارات المحملة بكميات هائلة من الأسلحة والذخائر والمواد المتفجرة، وهي عمليات تأتي أيضا بالتزامن مع تزيد إحكام قبضة القوات الليبية العاملة تحت قيادة المشير حفتر، وعلى الرغم من ذلك تبقى الحدود الليبية غير مسيطر عليها بالكامل، بل لا نزايد إذا تحدثنا عن أن الحدود الليبية المصرية مفتوحة على مصراعيها من الناحية الليبية، وهي الحدود التي تزيد عن ألف كيلومتر بسبب الظرف الذي تمر به الدولة الليبية، ومن واقع المحاولات المتعددة والمتكررة التي تقوم بها القوات المسلحة المصرية لاعتراض قوافل الأسلحة المتكررة التي تحاول اختراق الحدود الغربية؛ فإننا نستطيع استبيان أن هناك إصرارا على إدخال كميات هائلة من الأسلحة لداخل الدولة المصرية، لتشكيل قاعدة إرهابية داخل العمق المصري.

هذا الإصرار يعني أن هناك دعما لوجستيا وتمويلا لايزال ينفق على هذه المحاولات، ومنها توفر السيارات الحديثة والأسلحة التي يتم نقلها لمحاولة اختراق الحدود المصرية، بالإضافة إلى المعلومات، ولاشك أنه بالرغم من أن كل هذه التحليلات التي يقدمها خبراء أمنيون واستراتيجيون في الإعلام والتي تثير القلق والخوف وتعطي انطباعا بأن هناك أمرا ما سيحدث قريبا، وهي تحليلات تثير قلق ومخاوف أغلب الأسر المصرية القلقة على أمن أفرادها وخاصة من الأسرة التي يلتحق أبناؤها بالقوات المسلحة والشرطة، ولكن هذه المرة ليس لديّ هذا القلق وليس لدي الخوف التقليدي الذي تلقيه مثل هذه التحليلات في قلوب القراء والمتلقين، ولا يعني ذلك أنني أشكك في هذه التحليلات ولا أشكك في أهمية نقلها عبر وسائل الإعلام ولا مناقشتها أمام الرأي العام بكل شفافية، ولكن مصدر القوة لديّ هذه المرة لمواجهة هذا التهديد يستند إلى عدة عوامل حقيقية حدثت على أرض الواقع في الفترة الأخيرة، أهمها أن الدولة المصرية منذ أكثر من عامين تحقق إنجازا حقيقيا في حربها ضد الإرهاب على الرغم من وقوع عمليات كبرى بين الحين والآخر، ويكفي عملية الواحات التي أعادت النقيب الحايس إلى أسرته، وتنظيم منتدى شباب العالم في شرم الشيخ والصورة المشرفة التي ظهرت بها جمهورية مصر العربية لأول مرة منذ سنوات أمام العالم في حدث عالمي بهذا الحجم، بالإضافة إلى المشروعات التنموية التي تضاف كل يوم في سباق مع الزمن والنجاحات المستمرة في الملفات الدولية الشائكة؛ بما مكن الدولة المصرية من استعادة ريادتها كقوة إقليمية لا يمكن الاستهانة بها.

إن القيادة التي استطاعت المرور بالدولة المصرية وسط كل هذه المخاطر طول عامين متواصلين من التهديدات التي لم تتوقف سواء على مستوى التنمية والأمن القومي والضغوط السياسية التي مورست ضد الدولة المصرية لحرمانها من السياحة كمصدر مهم للتنمية وتوفير فرص عمل وتوفير الدولار، هي قيادة تستحق أن تحصل على ثقتنا، هي قيادة يمكن أن نعتمد عليها ونستند إلى قدراتها وخبراتها للاطمئنان على مستقبل أفضل، وعلى الرغم من أن جمهورية مصر العربية تقع ضمن المناطق المرشحة والمستهدفة لهروب العناصر الإرهابية لها بين السودان وليبيا وتشاد ونيجيريا، إلا أنها الأقوى بينهم جميعا حتى الآن في مواجهة الإرهاب، وهي حائط الصد الأول لهذه الجماعات، وهي الأقدر على حفاظ الأمن القومي لمنطقة شمال أفريقيا بالكامل وليس الأمن القومي المصري فقط.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف